مرت عدة أشهر على توقف دعم المياه المخصص لعدد من مخيمات شمال غربي سوريا نتيجة نقص التمويل، ما فاقم معاناة الأهالي بالتزامن مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، حيث تضم هذه المخيمات مئات آلاف العوائل النازحة والمهجرة، الذين يواجهون تحديات متزايدة في تأمين المياه الأساسية.
يقول “أبو محمود”، نازح في الخمسينات من عمره من ريف إدلب الجنوبي يعيش في مخيم بمنطقة البردقلي بريف إدلب الشمالي: إن انقطاع إمدادات المياه المجانية أثر سلباً على معظم المخيمات السكنية وزاد من أعباء الأسر في تأمين المياه يومياً، خاصة مع زيادة الحاجة والاستهلاك في فصل الصيف.
يلجأ الأهالي في المخيمات التي انقطع عنها دعم المياه إلى شراء المياه من الصهاريج بمبالغ تعتبر مرتفعة بالنسبة لكثير من الأسر، حيث يصل سعر خمس براميل إلى 60 ليرة تركية، أي ما يعادل دولارين، وهذه الكمية بالكاد تكفي لأربعة أيام لأسرة تضم خمسة أفراد، “أبو محمود” يشتري المياه مرتين في الأسبوع لعائلته المؤلفة من سبعة أفراد، حيث تستهلك كمية كبيرة من المياه للأعمال المنزلية والاستحمام والغسيل وغيرها من الحاجات الأساسية.
نقص المياه يزيد من مخاطر انتشار الأمراض والأوبئة بين الأهالي، خاصة الأطفال، ويجعلهم أمام تحدي كبير في تأمين المياه بشكل يومي والالتزام بأساليب النظافة والوقاية، حيث يتزامن انتشار الأمراض الجلدية مع أمراض أخرى مثل الكوليرا وفايروس كورونا، وسط معاناة شديدة وتحديات يواجهها القطاع الصحي نتيجة شح الدعم.
بالإضافة إلى أن المياه تُعتبر وسيلة تبريد أساسية لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة، حيث يقوم الأهالي برش المياه على أرضيات وجدران الخيام لترطيبها، وتبليل أجساد الأطفال بشكل دائم لتجنب تعرضهم للحرارة المرتفعة.
وكشف فريق “منسقو استجابة سوريا” في تقرير مفصل عن أوضاع مأساوية يعاني منها سكان المخيمات بسبب نقص المساعدات، حيث شمل التقرير أكثر من 918 مخيماً للنازحين بشكل كامل و437 مخيماً بشكل متقطع، مؤكداً أن انقطاع المياه وخدمات الإصحاح أثر على 991 مخيماً بشكل كامل، مع غياب الصرف الصحي عن 820 مخيماً.
يشار إلى أن معظم مناطق الشمال السوري تفتقر إلى حلول دائمة لمشكلة تأمين المياه مثل حفر الآبار الجوفية وبناء الخزانات الكبيرة وتمديد شبكات المياه المنظمة التي تصل إلى الأهالي، بسبب تكاليفها العالية، وتبقى الحاجة ماسة لتوفير دعم مستدام لهذه المناطق لتخفيف معاناة سكان المخيمات وتحسين ظروفهم المعيشية.