اشتكى سكان مدينة إدلب من الارتفاع الكبير في أسعار إيجارات المنازل، والتي لا تتناسب مع دخل ومستوى المعيشة لمعظم القاطنين في المنطقة، خاصة المهجرين والنازحين الذين يعانون من الغلاء المعيشي وسوء الوضع الاقتصادي بشكل عام.
تشهد معظم مدن إدلب وريفها ارتفاعاً جنونياً في إيجارات المنازل، دون قدرة السلطات المحلية على ضبط الأسعار أو تحديد سقف معين لها، مما يزيد من استغلال أصحاب العقارات، هذا الارتفاع يشكل عبئاً ثقيلاً على شريحة واسعة من الأهالي، وسط تردي الأوضاع المعيشية وتدني مستوى الدخل.
تقول “نورة أسعد”، وهي سيدة ثلاثينية مهجرة من ريف دمشق إلى الشمال السوري، بعد معاناتها من رحلة البحث عن منزل لعائلتها في إدلب بعد انتهاء عقد الإيجار في منزلها الحالي بشارع الثلاثين: “لا يوجد منزل أجرته تقل عن 50 دولاراً في إدلب المدينة، ومعظم المنازل تتراوح إيجاراتها ما بين 75 و125 دولاراً، ولا قدرة لي على دفع هذا المبلغ الذي يفوق راتبي الشهري.”
تعمل “نورة” مدرّسة في معهد تعليمي في المنطقة، براتب لا يتجاوز 100 دولار شهرياً، وتخبرنا أنها تحتاج أضعافه كي تغطي تكاليف النقل وأجرة المنزل الجديد وأجرة المكتب الذي يساعدها في البحث عن مسكن.
هذه هي حال آلاف العوائل المهجرة أو النازحة التي تضطر لتغيير المسكن بشكل دوري عند انتهاء عقد السكن أو عندما يطالب صاحب العقار بإخراج المستأجر بذرائع مختلفة، حسب قول الأهالي الذين تحدثنا إليهم.
منصة SY24 رصدت أسعار إيجارات المنازل في مدينة إدلب، والتي تبدأ من 75 دولاراً وقد تصل إلى 200 دولار في بعض الحالات، ويلعب موقع المنزل وتجهيزاته وعدد الغرف دوراً كبيراً في تحديد الأجرة، إذ يعاني معظم السكان من ظروف معيشية متردية ومستويات دخل منخفضة لا تتناسب أبداً مع الأسعار المرتفعة، مما يعتبره كثير من الأهالي استغلالاً واضحاً.
لا تقتصر الصعوبات في الحصول على مسكن في إدلب على التنقل بين الحين والآخر، بل تشمل أيضاً تكاليف إضافية تثقل كاهل العوائل، تقول “نورة” في حديثها إلينا: “معظم المكاتب العقارية تطلب عمولة تعادل أجرة شهر كامل أو نصفه في أحسن الأحوال، وبعض أصحاب المنازل يطلبون مبالغ كبيرة تحت مسمى (التأمين)، أو يطلبون دفع أجرة ثلاثة أشهر مقدماً، هذه كلها تكاليف خارج طاقة الأهالي، ولاسيما الطبقة محدودة الدخل”.
يبرر عدد من أصحاب المكاتب العقارية هذه التحديات بالكثافة السكانية العالية التي تشهدها المنطقة، مما يجعل أصحاب المنازل يتمسكون بشروط معينة.
يعيش في الشمال السوري حوالي أربعة ملايين نسمة، معظمهم من المهجرين والنازحين من مختلف المحافظات التي سيطر عليها النظام وهجرهم منها بعد أن دمر منازلهم بالقصف والطيران الحربي.
في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وارتفاع أسعار الإيجارات، يبقى سكان إدلب بين مطرقة الظروف المعيشية الصعبة وسندان استغلال أصحاب العقارات، ومع غياب حلول جذرية لضبط الأسعار وتوفير مساكن ميسرة، تظل معاناة الأهالي مستمرة، مما يفاقم من أعباء الحياة اليومية ويزيد من التحديات التي يواجهونها في ظل الظروف الراهنة.