في فصل الصيف، تعتمد “فاطمة” وعائلتها على جمع قصب “الزل” من ضفاف نهر العاصي المار من مدينة جسر الشغور وريفها، وحياكته وبيعه للزبائن المقبلين على شرائه.
تعد مهنة حياكة القصب من المهن الرائجة في المناطق القريبة من نهر العاصي، لاعتماد الكثير من العوائل على حياكته وبيعه لأصحاب المحلات التجارية والمطاعم التي باتت تستخدمه كنوع من أنواع الديكورات رخيصة الثمن.
“فاطمة” سيدة خمسينية، أم لسبعة أولاد، تسكن في قرية زرزور بريف جسر الشغور غربي إدلب، تتعاون وعائلتها على جمع قصب “الزل” وحياكته ليكون مصدر رزق جيد لهم يستطيعون من خلاله تأمين اكتفائهم الذاتي.
يجمع شبان العائلة القصب من ضفاف النهر، بينما تتعاون النساء على حياكته بطرق وأحجام مختلفة، تحدثنا “فاطمة” عن طريقة صناعة القصب، فتقول: “يحاك القصب بخيط النايلون أو بأشرطة حديدية، وتختلف أحجامها حسب الطلب عليها بين الثلاثة والستة أمتار”.
تختلف أسعار حصير القصب حسب نوعية حياكته، تحدثنا “فاطمة” عن أسعار الحصير بطول ثلاثة أمتار، فتقول: “المحاك بالنايلون سعره 5 دولارات، أما المحاك بأشرطة الحديد فسعره 8 دولارات أمريكية”.
يرغب الكثير من الأهالي في تزيين ساحات منازلهم وحدائقهم بعرائش من القصب، اشترى “أبو حيدر” 41 عاماً، يقيم في جبل الزاوية، حوالي 20 متراً من حصير القصب، ووضعها على شرفة منزله لتحميه من أشعة الشمس وتزيد من جمال شرفته، إضافة إلى عرائش العنب والورود المحاطة بها من كل جهة.
أصبح القصب يستخدم بشكل كبير لتزيين المطاعم والمنتزهات الصيفية المنتشرة في الشمال السوري، وذلك بسبب جمال منظره ورخص ثمنه مقارنة مع الديكورات الحديثة الأخرى.
“أبو علي”، 38 عاماً، يسكن في مدينة دركوش غربي إدلب، قام بتحديث مطعمه الصيفي بعد ثلاث سنوات من تأسيسه بوضع الكثير من ستائر القصب بين طاولات الزبائن، إضافة إلى وضعها كعرائش تقي الزبائن من أشعة الشمس. يقول: “يعد القصب من الديكورات الرخيصة، إضافة إلى جماله الذي يزيد من إقبال الزبائن على المكان”.
تحقق هذه المهن اليدوية التراثية دخلاً جيداً للعوائل أصحاب الدخل المحدود، وتعد هذه المهنة من المهن الرائجة بشكل كبير في الشمال السوري، وذلك لكثرة الطلب عليها من فترة لأخرى.