منذ أكثر من ستة أشهر، يتعاطى “مهند” حبوب ترامادول دون انقطاع، مع زيادة الجرعة بشكل أكبر خلال الأشهر الأخيرة، ليصل إلى عشر حبات يومياً.
ترامادول: هو مسكن ألم ينتمي لمجموعة من العلاجات التي تُسمى الأفيونات، يستخدم الترامادول لعلاج أنواع الألم المتوسطة إلى الشديدة، حيث يعمل على تثبيط مستقبلات الألم في الجهاز العصبي المركزي، ويمنع أيضاً إعادة امتصاص السيروتونين والنورإبينفرين، وقد يسبب تناوله لفترة طويلة وجرعات كبيرة حالة من الإدمان.
“مهند” (28 عاماً)، أب لطفل واحد، يقيم في مدينة أريحا بعد نزوحه من محافظة دير الزور قبل عشر سنوات، أصيب بعدة شظايا إثر استهداف قوات النظام لمنزله في جبل الزاوية قبل عام، وخضع بعد ذلك لعدة عمليات جراحية، ووصف له الطبيب حينها دواء ترامادول كمسكن للآلام الجراحية.
يقول: “كان مسكناً فعالاً، بعد ساعة من تناوله أشعر براحة كاملة في جسدي وسعادة كبيرة، تنسيني هموم الدنيا ومتاعبها”.
بقي “مهند” مستمراً في تناول هذا الدواء، رغم إيقافه من قبل الطبيب المختص وتحذيراته من أضراره اللاحقة في حالة الاستمرار في استخدامه.
يقول: “لم أعد قادراً على إيقافه، مجرد تأخير الجرعة يصيبني برجفة في يدي وصعوبة في الحركة، إضافة إلى توتر نفسي وتصرفات لا إرادية”.
نتيجة إدمان “مهند” على حبوب ترامادول، انفصلت عنه زوجته بسبب ضربه المبرح لها وتصرفاته اللا إرادية، دون خضوعه لعلاج شافٍ من هذا العقار.
تقول “فاطمة” (26 عاماً)، طليقة مهند، إنها صبرت عليه فترة طويلة رغم ضربه المستمر لها، إلا أنها باتت تخاف على حياتها وحياة طفلها الوحيد، نتيجة تصرفاته التي لا يشعر بعواقبها أبداً.
يحذر الأطباء المختصون من استخدام ترامادول لأكثر من أسبوع، لكي لا يصل المريض إلى مرحلة الإدمان، ويشير الطبيب “محمد رائد الحمدو” أخصائي داخلية عامة إلى أن “مرحلة الإدمان تحدث عندما يصبح مستوى المادة الإدمانية في الدم بحاجة لإشباع متكرر، وبذلك يضطر المريض إلى إضافة المادة الإدمانية لتحقيق نسبة التسكين المطلوبة”.
يعطل الترامادول مراكز الإحساس في الجسم بشكل كامل، ليس فقط الإحساس بالألم وإنما الإحساس بكل شيء، مما يؤثر على شخصية مدمن الترامادول فتجده متوتراً ومضطرباً ولا يشعر بعواقب تصرفاته.
يحدثنا الطبيب “رائد الحمدو” عن كيفية التخلص من إدمان ترامادول فيقول: “قد لا يستغرق العلاج فترة طويلة بإشراف طبيب متفهم وصبور، أما الحالات الشديدة فيمكن قبول المريض في المشفى حيث توجد آليات تخفف من تواجد المادة الإدمانية في الدم ومن تأثيرها”.
يزداد عدد المدمنين على هذا العقار بشكل كبير، وخاصة بين جيل الشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 30 عاماً، كما انتشر بيع هذا الدواء في الصيدليات دون وصفات طبية، إضافة إلى بيعه في محلات السمانة وصالونات الحلاقة، دون وجود رقابة جدية تحد من زيادة المدمنين في الشمال السوري.