أتقنت الشابة “مرح السلوم”، 24 عاماً ، ابنة معرة النعمان بمحافظة إدلب، موهبة التطريز منذ كانت في سن الثانية عشرة، بدأت رحلتها في عالم التطريز كهواية، ثم تطورت هذه المهارة حتى أصبحت بارعة في الأعمال اليدوية والفنية بشكل محترف.
تقول مرح في حديثها إلينا: “خلال سنوات دراستي الثانوية، شاركت في العديد من المعارض المدرسية، وكان المدرسون والزملاء يلجؤون إليّ لإكمال معارضهم الفنية بأعمالي المتميزة، ورغم تفوقي، أجبرت على التوقف عن الدراسة والزواج في سن مبكرة بسبب ظروف الحرب والنزوح”.
لم تدع أمومتها ومسؤولياتها المنزلية تسرق حلمها وطموحها في أن يكون لها مشروع خاص بها في فن التطريز، قررت “مرح” استغلال وقت فراغها وتحدي الظروف المعيشية الصعبة لإطلاق مشروع تطريز يدوي بإمكانيات متواضعة.
بدأت الشابة في مجال التطريز على الإطارات الخشبية لإنجاز قطع فنية حسب طلب الزبائن، وغالباً ما تكون على شكل هدايا تذكارية مخصصة لمناسبات معينة مثل النجاح والخطوبة وهدايا التخرج أو المواليد الجدد، في كل هدية تصنعها، تبتكر طريقة مميزة ومختلفة عن الهدايا الموجودة في السوق، واضعة بصمة خاصة بها سواء في إنجاز اللوحة أو طريقة التغليف والتقديم، تقول: مرح إنها “تبحث عن الأفكار المختلفة البعيدة عن النمطية والتقليدية في طرح منتجاتها وأعمالها الفنية”.
واجهت “مرح” العديد من التحديات والعوائق خلال عملها في الفنون اليدوية، أبرزها تأمين الخيوط والأدوات اللازمة للعمل وارتفاع أسعارها، ما يجعل تكاليف إنتاج أي قطعة مرتفعة، فضلاً عن صعوبة التسويق بشكل أوسع يتخطى الدائرة المحيطة بها من المعارف والأصدقاء، رغم تشجيعهم وإعجابهم بجودة أعمالها.
تروي لنا أنها بدأت بتسويق أعمالها بين الأقارب والأصدقاء، ما جعل عملها محدودًا جدًا ومقتصرًا عليهم، ثم انتقلت إلى مرحلة التسويق الإلكتروني، وأنشأت عدة صفحات خاصة بعملها على منصات التواصل الاجتماعي، وبدأت بعرض أعمالها وتلقي الطلبات من الزبائن الراغبين في الحصول على قطع فنية مميزة تُنجز حسب الطلب.
بدأت بنشر أعمالها على منصتي فيسبوك وإنستغرام، لكنها واجهت صعوبات كبيرة في البداية، حيث لم تتلق الكثير من الطلبات خلال الأشهر الستة الأولى، كان السبب في ذلك غلاء أسعار المواد اللازمة، مثل الإطارات والخيطان والإبر والقماش، وبعد مكان المحلات التي تشتري منها حاجاتها عن مكان سكنها، ما يزيد من الأعباء المالية عليها.
ومع ذلك، لم تستسلم مرح، بل استمرت في تحسين مهاراتها وتسويق أعمالها عبر الإنترنت، بفضل إصرارها وجهدها، بدأت الطلبات تتزايد عليها تدريجياً ، وأصبحت معروفة بجودة أعمالها وتميزها عن السوق.
قصة الشابة “مرح السلوم” هي مثال حي على القوة والإصرار في مواجهة الصعوبات التي تتمتع بها السيدات السوريات الناجحات، فرغم كل التحديات، استطاعت تحويل هوايتها في التطريز إلى مشروع ناجح، وتوسيع نطاق أعمالها بفضل تفانيها ومثابرتها، تظهر قصتها أن النجاح يمكن تحقيقه مهما كانت الظروف صعبة، وأن الشغف والعمل الجاد هما المفتاح لتحقيق الأحلام.