على معبر باب الهوى الحدودي، تقف “أم فاروق” وزوجها تحتضن طفلها البالغ من العمر 5 سنوات، لتودعه قبل تحويله إلى مشافي تركيا لتلقي علاج السرطان، الذي تفتقده معظم المراكز الطبية في الشمال السوري.
حسب إحصائية لمصادر طبية في إدلب العام الماضي، بلغ عدد مرضى السرطان في شمال غرب سوريا أكثر من 3 آلاف مصاب يحتاجون لمساعدة عاجلة، 65% منهم أطفال ونساء، مع زيادة يومية تُقدر بـ 3 حالات يومياً.
“أم فاروق” سيدة ثلاثينية، أم لخمسة أطفال، تقطن في قرية سرجه جنوبي إدلب، قبل أشهر بدأ طفلها يشكو من ألم مستمر في جميع أعضاء جسده، وبعد معاينة الحالة عند عدة أطباء وباختصاصات مختلفة، تبين لهم أن الطفل مصاب بسرطان الدم.
سعت عائلة الطفل لتأمين علاج طفلها في المراكز الطبية الموجودة داخل الشمال السوري دون إحالته إلى المشافي التركية، لكن تفاقم حالته الصحية يوماً بعد الآخر، وعدم توفير العلاج المناسب لحالته، أجبرهم على إحالة طفلهم إلى تركيا كمحاولة لإنقاذ حياته، تقول: “الجانب التركي لا يسمح بمرافقة المريض حتى لو كان طفلاً، وهذا أكبر مشكلة تواجه جميع المرضى”.
حال “أم فاروق” كحال عشرات الأمهات اللواتي يودعن أطفالهن على المعبر الحدودي ليواجه المريض بمفرده خوفه من العلاج وتحمله الألم الناتج عن مرضه.
بحرقة قلب أم، تطالب “أم فاروق” التي اختارت نار الفراق عن طفلها على أمل شفائه، الجهات الحكومية التركية أن تسمح بمرافقة مرضى السرطان، وبشكل خاص مرافقة الأطفال منهم.
بعد حملة “أنقذوا مرضى السرطان” التي قام بتنظيمها عدد من النشطاء الإعلاميين والعاملين في المجال الطبي والكثير من مرضى السرطان، فتحت السلطات التركية أبوابها من جديد لاستقبال مرضى السرطان بعد انقطاع دام لأشهر.
دخلت “خديجة” 25 عاماً، تقيم في جبل الزاوية، مريضة بسرطان الثدي المشافي التركية، لتتلقى العلاج مدة أربعة أشهر وتعود مجدداً إلى عائلتها المكونة من أربعة أطفال صغيرهم الرضيع الذي لا يتجاوز عمره الثلاثة أشهر.
في حديث خاص مع منصة SY24، قالت: “ألم فراقي عن عائلتي أصعب من ألم المرض ذاته، لم يغيب أحدهم عن ذهني أبداً حتى في أصعب لحظات علاجي”.
تضيف “خديجة” أنها مرت بظروف سيئة جداً خلال فترة علاجها في مشفى هاتاي، تقول: “بعد جرعة الكيماوي يصاب المريض بتعب يفوق قدرته، كنت أحتاج لأحد أقاربي أستند عليه حتى أستطيع الوقوف على قدمي، لكنني لم أجد أحداً بسبب قرارات الحكومة التركية التي تمنع ذلك”.
والجدير بالذكر أنه بعد أربعة أشهر من كارثة الزلزال العام الماضي، أصيب حوالي 600 شخص بمرض السرطان، منهم 150 طفلاً و200 امرأة.