خلال الأشهر الأخيرة، ازدادت أعداد الموظفين الحكوميين الراغبين في الاستقالة من وظائفهم في الدوائر الحكومية بالعاصمة دمشق، وتأتي هذه الزيادة في ظل الأزمة المعيشية والاقتصادية المتفاقمة التي تمر بها المنطقة، حيث سجلت استقالة ما يزيد عن 110 موظف في شهري أيار وحزيران فقط، من قطاعات مختلفة أبرزها الزراعة والصناعة، بينما كانت الغالبية العظمى من قطاع التربية والتعليم حسب ما أكده مراسلنا.
تعود هذه الموجة الكبيرة من الاستقالات إلى عدة أسباب رئيسية حسب ما أكده عدد من الموظفين لمراسلنا، أبرزها: تدني الأجور وعدم تناسب الرواتب مع الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار الذي جعل كثيراً منهم يجدون صعوبة في تغطية نفقاتهم اليومية، ناهيك عن تكاليف التنقل إلى أماكن عملهم.
ليس هذا فحسب، بل إن انتشار الفساد والاختلاس داخل المؤسسات دون أي رقابة أو رادع، وتفضيل الموظفين المقربين من ضباط النظام أو المسؤولين في الترقيات والمكافآت على باقي الموظفين الذين يحرمون من هذه الامتيازات جعلهم يفكرون جدياً في الاستقالة وترك الوظيفة.
“أيمن” اسم مستعار (لأسباب أمنية)، وهو أحد الموظفين في قطاع التربية والتعليم بدمشق من الغوطة الشرقية، تحدث لموقع SY24 أنه يتوجه يومياً من الغوطة إلى مكان عمله في دمشق رغم تدني أجره الشهري وعدم ملائمته للتضخم الحاصل، يقول إنه “بات يعمل بشكل شبه مجاني لعدم تغطية تكلفة التنقل”.
وأكد “أيمن” أن الترقيات والمكافآت والحوافز باتت محدودة جداً، وتعطى لموظفين محددين مقربين من ضباط النظام أو المسؤولين وبشكل علني، دون تقديم أي شيء للموظفين المجتهدين الذين ليس لديهم “واسطة”.
هذه الظروف والتفضيلات أدت إلى تزايد الإحباط بين الموظفين الحكوميين، الذين يشعرون بأن جهودهم لا تُقدر وأنهم يعملون في بيئة لا توفر لهم الدعم اللازم لتحسين أوضاعهم، وسط توقعات بزيادة موجة الاستقالات في الفترة المقبلة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي وغياب الإصلاحات الحقيقية.
تعكس قضية استقالات الموظفين الحكوميين في دمشق عمق الأزمة وتأثيرها على جميع جوانب الحياة، في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المواطنون، وسط غياب خطوات جادة وفعالة لمعالجة هذه المشكلات بدءاً من تحسين الأجور إلى مكافحة الفساد، لضمان استقرار الجهاز الإداري والحفاظ على كفاءة الخدمات العامة.
