عمالة الأطفال في إدلب.. واقع مرير وأثر خطير

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تزداد ظاهرة عمالة الأطفال بشكل ملحوظ في فصل الصيف خلال العطلة المدرسية في مناطق الشمال السوري، حيث يجد الكثير من الأطفال أنفسهم مضطرين للعمل بدلاً من قضاء أوقاتهم في اللعب والتعلم والاستفادة من العطلة.

تُعَدّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الكثير من الأسر في إدلب أحد الأسباب الرئيسية لانتشار عمالة الأطفال هنا، إذ يلجأ العديد من الأهالي إلى دفع أطفالهم للعمل لمساعدتهم في تأمين لقمة العيش.

يقول “أبو سليمان”، وهو والد لطفلين يعملان في بيع الخضار في أحد أسواق مدينة الدانا شمال إدلب: “ليس لدي خيار آخر، فنحن بحاجة إلى كل ليرة نكسبها من عملنا جميعًا لنتمكن من تأمين لقمة العيش ومتطلبات الحياة اليومية بأبسط الأحوال”.

أطفال كثر أمثال أولاد “أبو سليمان” ينخرطون في أعمال ومهن شاقة غير مناسبة لبنيتهم الجسدية وأعمارهم الصغيرة، حيث يعرض العمل في سن مبكرة الأطفال لمخاطر صحية عديدة، خاصة في مهن البناء والزراعة والمدن الصناعية، حيث قد يتعرضون لإصابات جسدية بسبب عدم خبرتهم وعدم توفر وسائل الأمان الكافية.

بالإضافة إلى ذلك، يؤثر العمل لساعات طويلة في ظروف صعبة على حالتهم النفسية، تقول المرشدة النفسية “نجاح بالوش”، عاملة في إحدى فرق الدعم النفسي الاجتماعي بمدينة إدلب: إن “العمل في سن مبكرة يؤدي إلى ضغوط نفسية كبيرة على الأطفال، حيث يشعرون بالتعب والإرهاق المستمر، مما يؤثر على نموهم النفسي ويزيد من احتمال تعرضهم لمشكلات نفسية في المستقبل”.

يؤثر العمل في سن مبكرة بشكل مباشر على مستوى التعليم لدى الأطفال، حيث يضطرون كثيرًا لترك المدرسة أو التغيب عنها بشكل متكرر بسبب العمل، تشير السيدة “نوال محمود”، وهي معلمة في إحدى مدارس إدلب، إلى أن “العديد من الأطفال يتراجع مستواهم الدراسي بشكل كبير خلال فترة الصيف، وبعضهم لا يعود إلى المدرسة بعد العطلة لأنهم يصبحون معتادين على العمل وكسب المال”.

كما يُحرم العمل في سن مبكرة الأطفال من حقوقهم في التعليم، ويعد سببًا رئيسيًا لتسربهم من المدارس، إذ كلما زادت نسبة الأطفال العاملين زادت نسبة التسرب المدرسي.

ووفقاً لتقرير منظمة اليونيسيف عام 2019، حيث قدرت عدد الأطفال المتسربين في سوريا بحوالي مليوني طفل، أي أكثر من ثلث الأطفال السوريين خارج المدرسة، في حين يواجه 1.3 مليون طفل خطر التسرب المدرسي.

تعد ظاهرة عمالة الأطفال تحديًا كبيرًا يواجه المجتمع السوري، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يتطلب التصدي لهذه الظاهرة جهوداً متواصلة من الجهات المعنية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع ككل لضمان حق الأطفال في التعليم والنمو في بيئة صحية وآمنة، حماية الأطفال وتوفير الظروف الملائمة لهم هو استثمار في مستقبل المجتمع بأسره.

مقالات ذات صلة