بعد مرور 20 عامًا، عادت “وردة” إلى مقعدها الدراسي بكل إصرار وعزيمة، تتحدى ظروف حياتها القاسية وتكمل مسيرتها التعليمية، بعد أن اضطرت إلى إيقافها عندما تزوجت في 16 من عمرها.
بدأ طلاب الجامعات الحرة في الشمال السوري امتحانات الفصل الثاني في مطلع الشهر الجاري، والتي تستمر إلى نهاية الشهر.
“وردة الدامور” 36 عامًا، منفصلة وأم لخمسة أولاد، تسكن في مدينة إدلب بعد نزوحها من مدينتها كفرنبل قبل أربع سنوات.
بعد انفصالها عن زوجها، وإقرار المحكمة بحضانة الأطفال لوالدهم، عادت “وردة” إلى دراستها من جديد، محاولةً تخفيف ألم شوقها لأطفالها وتجاهل ظروفها من خلال عودتها إلى الكتاب الذي أجبرت على تركه منذ صغرها، لتكمل طريقها من النقطة التي وقفت عندها قبل عشرين عامًا.
تقول: “تركت مدرستي بعد حصولي على الشهادة الأساسية، لأعود مجددًا إليها، مقبلة على تقديم امتحان الشهادة الثانوية”.
رغم انقطاعها الطويل عن الدراسة، استطاعت “وردة” أن تحصل على علامات جيدة أهلتها لدخول الجامعة. تقول: إن “هذه السنة الأولى لي في جامعة إدلب، أدرس اللغة العربية، الحلم الذي كنت أطمح إليه منذ صغري”.
حاولت الشابة إيجاد فرصة عمل مناسبة لها، تستطيع من خلال راتبها تحقيق اكتفائها الذاتي، وتأمين مصروف جامعتها وقسطها.
توظفت “وردة” بائعة في متجر ألبسة داخل مدينة إدلب، وتحاول تنظيم وقتها لإرضاء نفسها عن دراستها وعملها، وتشير إلى أنها تعمل مدة 12 ساعة في اليوم، لتعود إلى منزلها في العاشرة مساءً.
“أدرس ساعتين قبل النوم، ثم أستيقظ فجراً لأدرس حوالي أربع ساعات حتى يبدأ موعد عملي”، حسب ما ذكرت “وردة”.
من باب التفريغ عن نفسها، وتجسيداً لحزنها أو فرحها، ترسم “وردة” لوحات فنية تعكس حالتها النفسية، إضافة إلى رسم بعض الحيوانات الأليفة والنباتات الجميلة.
حال “وردة” كحال عشرات السيدات السوريات اللواتي أثبتن نجاحهن رغم ظروفهن الصعبة التي مررن بها، يكافحن بكل قوتهن وإصرارهن من أجل أن تستمر حياتهن بعزة وكرامة.