في مثل هذه الأيام من كل عام، تقوم “أم إبراهيم” بإعداد كميات كبيرة من الفليفلة الحمراء الحارة، التي تعد من أفضل أنواع المؤنة المفضلة لعائلتها خلال فصل الشتاء.
يبدأ موسم الفليفلة الحمراء في منتصف شهر تموز، ويستمر حتى نهاية أيلول، في هذه الفترة تقوم السيدات بإعدادها لتكون ضمن أصناف المؤنة المحضرة لفصل الشتاء.
“أم إبراهيم” سيدة أربعينية، أم لستة أولاد، تقيم في مدينة دركوش غربي إدلب، في الصباح الباكر، تذهب برفقة زوجها إلى بستانهم القريب من نهر العاصي، تقطف الفليفلة الحمراء الطازجة، وتعود بها إلى منزلها لتبدأ بتحضيرها بمساعدة بناتها وبعض جاراتها.
تجتمع جارات “أم إبراهيم” لإعداد الفليفلة وتجهيزها للتجفيف، حيث تقوم إحداهن بغسلها والبعض الآخر يعمل على تقطيعها وتنظيفها من البذور والشوائب، أما “أم إبراهيم”، فهي من تحمل كمية الفليفلة الجاهزة للتجفيف إلى شرفة منزلها، لتضعها تحت أشعة الشمس بضعة أيام حتى تجف بشكل كامل.
تقول: “بعد عملية التجفيف، تُطحن الفليفلة الحمراء عبر آلة كهربائية تسمى ‘المطحنة’، ثم تخزن في أواني زجاجية محكمة الإغلاق لفصل الشتاء”.
تضع “أم إبراهيم” كل عام ما يقارب 8 كيلوغرامات من الفليفلة الحمراء، إضافة إلى 6 كيلوغرامات من دبس الفليفلة، تقول: “كل 10 كيلوغرامات من الفليفلة الطازجة تنتج كيلوغرامًا واحدًا من الفليفلة الجافة”.
تشتهر مدينة دركوش بزراعة معظم الخضار الصيفية، وبشكل خاص الفليفلة الحمراء الحارة، كما تعرف المدينة بأكلة شعبية مفضلة لدى جميع سكانها، يطلق عليها اسم “الدقة الدركوشية”.
تقوم “أم عمر” سيدة ستينية، أم لسبعة أولاد، تسكن في مدينة دركوش، كل يوم بإعداد “الدقة الدركوشية” على وجبة الفطور، التي تتكون بشكل أساسي من الفليفلة الحمراء الحارة الطازجة والجوز الأخضر إضافة إلى البصل وزيت الزيتون.
لهذه الأكلة التراثية طقوس خاصة مرتبطة بطريقة تحضيرها، تقول “أم عمر” إن من أصول مذاقها المميز هو دقها مع باقي مكوناتها الأخرى في جرن حجري وبمطرقة خشبية.
تجتمع العائلة لمساعدة ربة المنزل في تحضيرها، مترقبين نهاية إعدادها لتذوق طعمها المفضل لهم، تحدثنا “أم عمر” عن مساعدة عائلتها لها فتقول: “منهم من يكسر الجوز الأخضر، وبعضهم ينظف الفليفلة من الشوائب، والبعض الآخر يطرق المكونات بالمطرقة”.
يتراوح سعر الفليفلة الحمراء الطازجة حسب جودتها ونوعها، حيث يباع كيلو الفليفلة الحارة النوع الجديد بـ 6 ليرات تركية، بينما تباع الفليفلة الحمراء الباردة بـ 7 ليرات تركية للكيلوغرام الواحد في الأسواق المحلية ضمن مدن الشمال السوري.
