كيف تسهم نساء الشمال السوري في دعم أسرهن؟
وسط تحديات اقتصادية ومعيشية صعبة وقلة فرص العمل، تمكنت نساء في الشمال السوري
من التكيف مع واقعهن وتوفير فرص عمل لهن بأبسط الإمكانيات،
هذا التكيف يأتي في سياق ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخل، حيث أصبح للنساء دور مميز في ابتكار حلول تساهم
في تأمين لقمة العيش من منازلهن. إحدى هذه النساء هي “أم علاء”، البالغة من العمر 44 عاماً،
والتي تعيش في تجمع سكني بمنطقة البردقلي بريف إدلب الشمالي منذ خمس سنوات
بعد نزوحها من ريف إدلب الجنوبي، دفعتها الظروف المعيشية الصعبة إلى البحث عن مصدر دخل لعائلتها،
خصوصاً مع وجود اثنين من أولادها في الجامعة. حولت “أم علاء” جزءاً من غرفتها الصغيرة
إلى محل لبيع الملابس النسائية وملابس الأطفال، مما يوفر للنساء والعائلات مكاناً قريباً لشراء الملابس
دون الحاجة للذهاب إلى السوق الذي يتطلب وسائل نقل.
تبدو الغرفة كمحل صغير، حيث علقت الملابس بشكل عشوائي لجذب الزبائن.
استخدمت “أم علاء” المسامير الصغيرة لتعليق الملابس على الجدران بسبب نقص الرفوف،
ورغم بساطة المكان، إلا أن جهودها نجحت في جذب الزبائن وتوفير دخل مادي لها ولعائلتها.
إلى جانب بيع الملابس، أصبحت “أم علاء” السيدة الأكثر شعبية في مكان سكنها يلقبونها
(مختارة حارة) حسب قولها، حيث تجتمع عندها النساء لاحتساء القهوة صباحاً وتبادل الأحاديث والقصص اليومية في جو ألفة ومحبة.
تقول إحدى جاراتها إن “دكان أم علاء وفر للنساء في التجمع السكني مكاناً قريباً منهن للشراء منه في أي وقت،
مع إمكانية دفع ثمن القطع تدريجياً فهي تعتمد مبدأ التقسيط في عملية البيع كونها على دراية بظروف الأهالي المادية السيئة
وهذا ما يميزها عن باقي المحلات التجارية في الأسواق ماجعلها تكسب شعبية كبيرة في المنطقة.
على بعد عدة كيلومترات في مخيمات دير حسان شمال إدلب، تسكن “جميلة”،
وهي سيدة في الثلاثينيات من عمرها، تستغل “جميلة” وقتها في تحضير مونة المواد الغذائية،
تعمل حالياً في قطاف الملوخية وحفر الباذنجان وتجفيفه وتحضير المكدوس أيضاً، وكانت سابقاً تقوم بتجهيز ورق العنب.
إذ تقوم “جميلة” بهذه الأعمال مقابل مبالغ مادية بسيطة تساعدها في إعالة أسرتها وتوفير مصدر دخل آخر للمنزل وسط غلاء معيشي غير مسبوق.
“جميلة” و”أم علاء” ونساء كثر جسدن بجهودهن اليومية قصص كفاح نساء في الشمال السوري
وجدن في الأعمال المنزلية مصدر رزق يمكنهن من البقاء ومواجهة الظروف الصعبة.
عملهن الدؤوب لم يقتصر فقط على تأمين دخل لعوائلهن، بل ساعد أيضاً في تعزيز شبكة تواصل اجتماعي
بين النساء في المخيم حيث يتبادلن النصائح والخبرات في كيفية تحسين إنتاجهن وتطوير مهاراتهن.
رغم ضعف الإمكانيات والظروف القاسية، أظهرت النساء في الشمال السوري قدرتهن على التكيف
والابتكار في خلق فرص عمل تعزز من استقرار أسرهن الاقتصادي وأسهمن بشكل كبير في تخفيف العبء الاقتصادي
على عائلاتهن وخلق نماذج ملهمة من القدرة على الصمود والإبداع في مواجهة التحديات.