شهدت أسواق اللحوم الحمراء والفروج في مدينة إدلب وريفها مؤخراً موجة غلاء غير مسبوقة جعلتها بعيدة عن متناول كثير من العائلات، لا سيما الفقراء وذوي الدخل المحدود، يعتمد كثير من الأهالي على الخضار الصيفية كبديل أساسي، بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني للحوم.
السيدة “صفاء”، وهي نازحة من ريف دمشق وتقيم في بلدة قاح شمال إدلب، لم تدخل منزلها اللحوم الحمراء منذ شهرين، تقول إنها “تستطيع شراء خضار تكفيها لمدة أسبوع بثمن كيلو واحد من اللحم الذي بلغ سعره نحو 400 ليرة تركية”، وأضافت: “رغم أهمية اللحوم في الغذاء، إلا أن الغلاء حرمنا وكثير من الأهالي من شرائها”.
أرجع عدد من أصحاب محلات بيع اللحوم الحمراء أسباب ارتفاع الأسعار المستمر إلى تهريب المواشي إلى مناطق سيطرة النظام وقوات سوريا الديمقراطية، ما ساهم في رفع الأسعار بشكل مباشر، كما أسهم غلاء الأعلاف في الشمال في قلة قطعان المواشي وبالتالي ارتفاع أسعار لحومها.
كذلك، ارتفعت أسعار الفروج بشكل كبير، حيث وصلت تكلفة طن الفروج الحي إلى 1800 دولار، وهو ضعف ما كانت عليه العام الماضي، وبدوره، ارتفع سعر بيع الكيلو في محلات الفروج إلى قرابة 60 ليرة، وهو مبلغ مرتفع بالنسبة للقدرة الشرائية لغالبية الأهالي.
تضيف صفاء: “إذا أردت تحضير وجبة طعام لعائلتي المؤلفة من ستة أفراد، فإنني أحتاج إلى اثنين كيلو من لحم الفروج بسعر 120 ليرة، وكيلو أرز بسعر 35 ليرة، ناهيك عن الإضافات الأخرى مثل السمن والزيت والتوابل. لذا، أعتمد حالياً على الخضار في وجبات الطعام.”
وفقاً للتقديرات والإحصائيات الأخيرة، تحتاج أسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد بالغين إلى قرابة 400 دولار شهرياً لتغطية تكاليف المعيشة الأساسية، دون حساب الرفاهيات والكماليات، والمصاريف المدرسية أو الجامعية، وتكاليف الزيارات الطبية.
أوضح صاحب محل بيع الفروج في إدلب أن ارتفاع أسعار اللحوم يرجع إلى زيادة التكاليف مثل أسعار الأعلاف المستوردة والمحلية، وعزوف كثير من مربي الدواجن عن المهنة بسبب الخسائر الكبيرة ونفوق مئات الآلاف من الطيور، فضلاً عن تراجع القوة الشرائية لغالبية الأهالي بسبب الضائقة المادية والاقتصادية التي تمر بها المنطقة.
في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في إدلب، تتعالى الأصوات مطالبة بحلول عاجلة للأزمات التي تتفاقم يوماً بعد يوم، ومع تخفيض المساعدات الإنسانية والإغاثية مؤخراً، يواجه الأهالي، وخاصة النازحين، خطر كارثة قريبة تهدد استقرارهم ومعيشتهم اليومية.