شهدت مناطق ريف إدلب وحلب شمالي غربي سوريا حرائق هائلة اجتاحت مساحات واسعة من الأحراج والأراضي الزراعية، وامتدت إلى المرتفعات الجبلية، مما أدى إلى خسارة عشرات الدونمات وإحراق مئات الأشجار الحراجية والمثمرة.
وفي هذا السياق، أعلن فريق الدفاع المدني السوري عن حصيلة الحرائق التي تعاملت معها فرق الإطفاء خلال الشهرين الماضيين، حيث بلغ عددها 92 مهمة إطفاء، توزعت على 32 حريقاً في ريف إدلب، و60 حريقاً في ريف حلب الشمالي وغابات عفرين.
وذكر الفريق أن هذه الحرائق أسفرت عن تدمير مساحات شاسعة من الأراضي وتحويلها إلى رماد، مشيراً إلى أن أسباب هذه الحرائق تعود إلى التحطيب العشوائي، وقصف النظام المستمر، والقطع الجائر للأشجار، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة.
أعرب ناشطون عن مخاوفهم من خطورة هذه الحرائق على البيئة والمناخ، حيث تُعتبر من أكبر المخاطر البيئية التي تؤدي إلى تدمير الغابات والموارد الطبيعية، كما تسفر عن فقدان التنوع البيولوجي، وتدهور التربة، وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة، بالإضافة إلى ذلك، تسبب الحرائق في تلوث الهواء وانتشار الأمراض التنفسية بين السكان.
في حديث خاص مع “ياسر ننه”، متطوع في الدفاع المدني السوري، أكد أن ارتفاع معدلات الحرائق في مناطق شمال غربي سوريا يشكل تهديداً جديداً للمدنيين، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة من حرب النظام وروسيا، والكوارث الناتجة عن التهجير.
وأشار إلى أن هذه الحرائق تقوض حياة الناس وأعمالهم وسبل عيشهم، وتشكل أيضاً تهديداً على البيئة، مما يستدعي اتخاذ خطوات ومشاريع جادة لدعم قضايا البيئة وحماية الصحة البيئية، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.
وأضاف “ننه” أن فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري قد وضعت خطة استجابة لحرائق المحاصيل الزراعية منذ بداية شهر أيار الماضي، تهدف إلى تحقيق استجابة سريعة وتنظيم جيد للتقليل من الخسائر الناجمة عن الحرائق، واتخاذ التدابير اللازمة للحد من نشوبها والتعامل الفوري معها.
تمثل الحرائق المدمرة في شمال غربي سوريا حلقة جديدة في سلسلة الأزمات التي تعاني منها المنطقة، حيث تتجاوز آثارها السلبية الحدود الطبيعية إلى الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، فهذه الكارثة لا تقتصر على تدمير البيئة الطبيعية وإحراق الأراضي والغابات فحسب، بل تمتد لتشكل تهديداً مباشراً على حياة السكان المحليين وسبل عيشهم.