تأثير الفقر والانهيار الاقتصادي على الأطفال في الشمال السوري

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

في شوارع مدينة إدلب والمدن الرئيسية الأخرى في شمال سوريا، باتت مشاهد الأطفال المتسولين جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، الأطفال ينتشرون بشكل عشوائي في المناطق المكتظة بالسكان، مثل الأسواق والبازارات الشعبية والأماكن العامة، ويقفون أمام المستشفيات والمطاعم بهدف استجداء المساعدة من المارة، في محاولة لإثارة استعطاف الأهالي.

تزايد معدلات الفقر والانهيار الاقتصادي

هذه الظاهرة الخطيرة لم تكن بهذا الانتشار من قبل، لكنها تفاقمت في السنوات الأخيرة مع تزايد معدلات الفقر والانهيار الاقتصادي وارتفاع أسعار المعيشة بشكل غير مسبوق.

في هذا السياق، أوضحت “نجلاء”، العاملة في مجال حماية الطفل بإحدى منظمات المجتمع المدني في إدلب، أن “العمل في سن مبكرة يحرم الطفل من طفولته، ويؤثر سلباً على مستواه التعليمي، بل يعد من أبرز أسباب التسرب المدرسي واللجوء إلى سوق العمل، مما يؤثر على نموه العقلي والجسدي والنفسي”.

التقينا “زهور”، طفلة في الثامنة من عمرها، تقف أمام عيادة نسائية في مدينة سرمدا برفقة ثلاثة أطفال آخرين من نفس عمرها تقريباً، علامات الفقر تبدو واضحة عليهم، من ثيابهم الرثة إلى نحافة أجسادهم، تدفعهم فطرة الأطفال إلى اللعب أحياناً، لكن سرعان ما يعودون لسؤال الأمهات داخل العيادة مع ترديد عبارات الدعاء لكسب استعطافهن.

“زهور” وأصدقاؤها لم يدخلوا المدرسة يوماً، ويقضون معظم يومهم في الشوارع، تارةً يبيعون البسكويت وأخرى يطلبون المال دون مقابل، مثلهم مثل عشرات الأطفال المتسولين في المنطقة.

لا توجد حلول فعلية لهذه الظاهرة، خاصةً مع ارتفاع نسب الفقر وتدني مستوى المعيشة، بعض العائلات تجد نفسها مضطرة لإرسال أطفالها للتسول بحثاً عن لقمة العيش، خصوصاً العائلات التي فقدت معيلها بسبب الحرب أو الاعتقال أو الهجرة، أو لعجزه عن العمل لأسباب صحية.

مخاطر وعواقب التسول

تنعكس النتائج السلبية لظاهرة عمالة الأطفال في بيئة غير آمنة وغير مناسبة لهم، خاصةً في الظروف المناخية الباردة، الأطفال المتسولون يتعرضون لمخاطر جسدية وأضرار نفسية، فضلاً عن تعرضهم للعنف والاستغلال من قبل أصحاب العمل، يفضل كثير من هؤلاء الأطفال لأنهم يُعتبرون يد عاملة رخيصة بسبب صغر سنهم ونشاطهم، ما يجعلهم عرضة لاستغلال واضح.

في النهاية، تبقى ظاهرة تسول الأطفال في الشمال السوري مأساة إنسانية تستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات المعنية، بهدف حماية الأطفال من مستقبل قاتم ينتظرهم إذا ما استمرت هذه الظروف القاسية دون حل.

مقالات ذات صلة