تشهد محافظتا دير الزور والحسكة في شرق سوريا توترات متصاعدة أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة، مع استمرار انقطاع المياه عن السكان في الحسكة لليوم الثالث على التوالي.
وأطلق الأهالي في مدينتي الحسكة والقامشلي نداءً عاجلاً للمنظمات والجهات المعنية للتدخل الفوري لحل هذه الأزمة، مطالبين بتحييد المدنيين من نساء وأطفال عن المواجهات الدائرة في المنطقة والتي بدأت مع هجوم شنته “قوات العشائر” على مواقع قوات قسد في ريف دير الزور شرق سوريا.
وتأتي هذه التطورات في ظل اشتباكات متواصلة بين جيش العشائر المدعوم من النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، منذ عدة أيام.
وقد فرضت قوات قسد حظراً للتجوال وحصاراً على مناطق تواجد النظام وقواته في المربع الأمني في الحسكة والقامشلي منذ يوم الأربعاء الماضي، ما دفع بالمدنيين للمطالبة بتحييدهم عن الصراع الدائر في المنطقة شرق سوريا.
وفي تطور لافت، فشلت الوساطة الروسية بين قوات قسد وقوات النظام في التوصل إلى اتفاق لفتح الطرقات باتجاه مناطق في الحسكة والقامشلي، مما زاد من حدة التوتر في المنطقة.
ووسط هذه الأجواء المشحونة، ارتفعت أصوات تطالب بتحييد المدنيين عن الصراعات القائمة، حيث أكد ناشطون محليون على ضرورة جعل الحياة اليومية للناس أولوية، داعين جميع الأطراف إلى العمل على إيجاد حلول سلمية.
وتعالت الأصوات من المنطقة الشرقية مطالبة السلطات المعنية العمل على تحييد المدنيين في جميع المناطق دون استثناء عن الخلافات الدائرة، فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع لضمان حياة كريمة وآمنة للأهالي، حسب تعبيرهم.
كما عبّر السكان عن أملهم في إعادة فتح الطرقات وعودة الحياة إلى طبيعتها، مؤكدين على أهمية العمل على التقارب بين جميع الأطراف ونبذ العنف وتقريب وجهات نظر السوريين للوصول إلى حياة حرة وكريمة للجميع.
وتتزايد المخاوف على حياة المدنيين مع استمرار التطورات والاشتباكات في المنطقة، خاصة مع استمرار أزمة انقطاع المياه التي تفاقم من معاناة السكان في منطقة الحسكة.
وفي هذا الجانب، قال الناشط أبو عبد الله الحسكاوي أحد سكان المنطقة الشرقية لمنصة SY24، إن “الوضع في شرق سوريا يبقى متوتراً ومحفوفاً بالمخاطر، مع دعوات متزايدة للأطراف المتنازعة لتغليب مصلحة المدنيين وإيجاد حل سلمي للأزمة الراهنة”.
وأشار إلى أن “قسد ردت على محاولات النظام ومن خلفه الميليشيات الإيرانية بالدفع بقوات العشائر للهجوم على حواجزها بريف دير الزور، بفرض حصار على المربع الأمني الذي تنتشر فيه قوات النظام ومجموعات مساندة لها في الحسكة والقامشلي”.
وأضاف أن الحسكة في الأساس تعاني من شح في توفير المياه الصالحة للشرب لعوامل عدة، وتأتي الآن تلك التطورات لتفاقم من معاناة الأهالي الذين يواجهون أزمة معيشية واقتصادية خانقة، حسب تعبيره.
وصباح أمس الجمعة، ارتكبت الميليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري مجزرة مروعة، جراء قصف استهدف منازل المدنيين في بلدتي الدحلة وجديد بكارة شرقي دير الزور، الواقعة تحت سيطرة “قسد”.
وعلى إثر هذا الهجوم، استقدمت “قسد” تعزيزات عسكرية كبيرة شملت عناصر مسلحة وأسلحة ثقيلة إلى مناطق الدحلة وجديد بكارة وجديد عكيدات والبريها، في مسعى لصد أي تصعيد محتمل.
وفي ضوء هذه التطورات، شهدت المنطقة نزوحاً جماعياً من قبل المدنيين الذين يخشون تصاعد العنف وسقوط المزيد من الضحايا.
ويعد والنساء والأطفال، الأكثر تأثراً بهذه الظروف، يعانون من نقص في الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والدواء، إضافة إلى الصدمة النفسية التي تسببها مشاهد العنف والدمار المستمرة.