يواجه الشباب في شمال غرب سوريا تحديات كبيرة، أبرزها البطالة التي أصبحت ظاهرة متفشية تهدد مستقبل الأجيال الشابة وتؤثر سلباً على المجتمع ككل، إذ كشفت الأرقام الصادرة عن فريق “منسقو استجابة سوريا” بمناسبة اليوم الدولي للشباب الموافق لـ 12 آب 2024 أن البطالة في هذه المنطقة وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، حيث بلغت نسبتها بين السكان المدنيين 88.82 بالمئة، مع تباين واضح بين الجنسين والمناطق المختلفة.
واقع قاتم تشير إليه الإحصائيات إذ تؤكد أن أن 75.30 بالمئة من السكان المحليين الذكور و93.17 بالمئة من الإناث يعانون من البطالة، أما بين النازحين والمهجرين قسرياً، فالأرقام أكثر قسوة، حيث تصل نسبة البطالة بين الذكور إلى 89.92 بالمئة وبين الإناث إلى 96.77 بالمئة، هذه الأرقام الصادمة تسلط الضوء على الأزمة التي يعيشها الشباب في هذه المنطقة، حيث تقلصت فرص العمل إلى حد كبير، مما دفع الكثيرين إلى التفكير في الهجرة أو الانخراط في أعمال غير مشروعة.
وفي البحث وراء أسباب البطالة تتصدر عوامل عدة أدت إلى تفشي الظاهرة في شمال سوريا، من أبرزها عدم توفر فرص العمل نتيجة للحرب والتدمير الذي لحق بالمنطقة، إضافة إلى نقص الخبرات والتدريب اللازمين لمواكبة متطلبات السوق، إذ يعاني الخريجون الجدد من عدم توفر فرص عمل مناسبة مع نقص الدعم والمتابعة من المؤسسات المعنية مما يضعف فرصهم في الحصول على وظائف ملائمة.
وعليه يضطر كثير من الشباب إلى العمل في أعمال شاقة ومؤقتة ذات أجور متدنية وبدون عقود رسمية، لا تحقق لهم الاستقرار المالي ولا تزيد من خبراتهم، ما يفاقم من أزمة البطالة.
وتأتي المقترحات والحلول كأمل للشباب، أولى هذه الحلول تكمن في ضرورة ربط التعليم والتدريب باحتياجات السوق، لضمان توافق المهارات المكتسبة مع الفرص المتاحة، كما يجب التركيز على إقامة مشروعات جديدة تستوعب أكبر عدد ممكن من الأيدي العاملة، وتوفير الدعم المادي للمشروعات الصغيرة التي يمكن أن تكون طوق نجاة لكثير من الشباب.
كذلك، هناك حاجة ملحة للاهتمام بالصناعات الصغيرة والحرف اليدوية، التي إذا ما تم دعمها بالشكل الكافي، يمكن أن تساهم في استقطاب عدد كبير من العاملين، مما يخفف من حدة البطالة ويساهم في تحسين الظروف المعيشية للشباب.
تمثل ظاهرة البطالة في شمال سوريا تحدياً كبيراً يستدعي حلولاً جذرية ومستدامة، فالأرقام لا تكذب، والواقع يستوجب التحرك العاجل من قبل جميع الجهات المعنية للحد من هذه الأزمة وإعادة الأمل لفئة الشباب التي تعاني من قلة الفرص وتردي الوضع المادي والمعيشي، إذ أن الدعم التعليمي والمشاريع الصغيرة قد يكونان بداية الطريق نحو مستقبل أفضل لشباب سوريا.