من داخل خيمة مهترئة، تفوق الطالب “خالد” في شهادة الثانوية العامة بفرعها العلمي، محققاً مجموعاً ممتازاً أهّله لدخول كلية الطب البشري في إحدى جامعات الشمال السوري.
“خالد” شاب يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً، يقيم في مخيم الكرامة على الحدود السورية التركية بعد نزوحه من ريف معرة النعمان جنوبي إدلب قبل خمس سنوات، حصل على 232 درجة في الشهادة الثانوية بعد عام دراسي طويل مليء بالجهد والتعب والاجتهاد.
يعاني طلاب المدارس القاطنون في المخيمات من صعوبات كثيرة، أبرزها المسافة الكبيرة بين المدرسة والمخيم، وخاصة طلاب المرحلة الثانوية، إضافة إلى انعدام وسائل النقل العامة إلى المكان، مما يجبر الكثير منهم على قطع مسافات طويلة مشياً على أقدامهم.
استطاع “خالد” أن يحقق تفوقاً مميزاً رغم المعاناة الكبيرة التي كان يواجهها يومياً، يقول إنه كان يمشي يومياً على قدميه أكثر من 3 كيلومترات ذهاباً ومثلها إياباً حتى يصل إلى المدرسة التي يتعلم فيها.
يسكن “خالد” وعائلته في خيمة مهترئة لا تحميهم من برد الشتاء ولا من حر الصيف، ويشبه الطالب حياته في المخيم بـ”مرار العلقم”، ويصف لنا صعوبة السكن فيه قائلاً: “أيام المطر يغرق أثاث الخيمة بالماء، وأيام الرياح والعواصف نجد أنفسنا في العراء دون خيمة أو مأوى، وأيام الصيف تكون الحرارة مرتفعة جداً وكأننا نجلس في فرن كبير”.
رغم هذه المعاناة الكبيرة، استطاع “خالد” تحقيق نجاح كبير، متبعاً نهج أشقائه الثلاثة الذين حققوا النجاح قبل سنوات من نفس الخيمة. يقول: “أخي الكبير يدرس الطب البشري في السنة الرابعة، والأصغر يدرس هندسة معلوماتية، والأصغر الآخر طالب طب بشري أيضاً”.
ويضيف: “أشقائي الثلاثة كانوا قدوة لي، وحافزاً كبيراً لتحقيق حلمي”.
يتجهز “خالد” للالتحاق بكلية الطب البشري، ويحقق رغبته ورغبة والديه اللذين حاولا تأمين أفضل الظروف له ولإخوته حتى يحققوا هذا التفوق والنجاح.
تكثر قصص نجاح الطلاب في الشمال السوري، رغم كل الظروف القاسية التي يمرون بها، سواء كانت ظروفاً اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية، يختم “خالد” حديثه مع منصتنا بالقول: “الإرادة والإصرار أساس النجاح مهما كان الطريق شاقاً”.