كشف مدير “منظمة صوت وصورة” عن أن العمل الصحفي داخل مدينة الرقة يواجه العديد من الصعوبات، مرجعًا السبب إلى القوانين والشروط التي تفرضها قوات “قسد” المسيطرة على المدينة.
وقال “محمد الخضر” في لقاء مع موقع SY24: إن “العمل الصحفي لا يزال ممنوعًا في مدينة الرقة إلا بترخيص يُمنح من قبل قوات قسد بشكل حصري، وحينما تريد الحصول على هذا التصريح فإنك تحتاج لتزكية لدى تتلك القوات، بالإضافة إلى أنه يجب أن تكون كتاباتك ليست موجهة ضد قسد”.
وأضاف، أن “أي كتابة ضد تلك القوات فإنها تعرض الصحفي للاعتقال والتعذيب، ومن الممكن أن يتعرض حتى لخطر الاختفاء القسري، لافتًا إلى أن العمل الصحفي حتى اللحظة لا يزال بشكل سري، وأن من يعمل في هذا المجال حاليًا داخل المدينة وبشكل علني هم الصحفيون الأجانب وخاصة الموالون لقسد، ومن يريد أن يكتب من الصحفيين الأجانب ضد قسد فإنه يفعل ذلك بعد أن يخرج من مدينة الرقة ومن مناطق سيطرة قسد كونه لا يستطيع الكتابة وهو ضمن الرقة”.
ويتواجد داخل مدينة الرقة، بحسب “الخضر”، عدد قليل جدًا من الصحفيين أو النشطاء الإعلاميين السوريين والذين يهتمون فقط بالأمور المحلية والخدمية، وبالتالي لا يقتربون من قوات قسد في موادهم الصحفية، ورغم ذلك فهم لا ينقلون الواقع على حقيقته، مشيرًا في الوقت ذاته إلى وجود عدد من النشطاء يعملون داخل مدينة الرقة بشكل سري أو بأسماء وهمية، أو ضمن شبكات لا تقوم بنشر أسمائهم حرصًا على سلامتهم.
ووَصف “الخضر” الممارسات التي تقوم بها قوات “قسد” في التضييق على العمل الإعلامي، بأنها مشابهة جدًا لممارسات تنظيم “داعش” إبّان سيطرته على المدينة، مشيرًا إلى التضييق الحاصل على أجهزة “الانترنت” ومنع تواجدها في منازل المدنيين وحصر الأمر بصالات الانترنت والتي في أغلب الأحيان تكون مراقبة، كما أنها تحتاج لتراخيص من قبل تلك الجهة المسيطرة على المدينة، مؤكدًا أنه حتى اليوم ما يزال كثيرون يستخدمون “الإنترنت” في منازلهم بشكل سريّ، وفي حال علمت قوات “قسد” بوجود “جهاز إنترنت” عند أحدهم فإنها تقوم باعتقاله وتغريمه والتنكيل به.
وتعدّ “قسد” الجهة الوحيدة الضابطة للعمل الصحفي داخل المدينة، ومن يريد أن يعمل بشكل علني سواء كان الصحفي عربياً أو أجنبي فإنه يحتاج لتصريح من “قسد”، يضاف إلى ذلك أن غالبية الصحفيين الأجانب وخلال تواجدهم في مدينة الرقة يرافقهم عناصر من “قسد” في معظم الأوقات، في حين أن الصحفيين العرب دائمًا صفحاتهم تحت المراقبة، كما تتم عملية مراقبة الشبكات أو الجهات التي يعملون بها، بغية منعهم من ارتكاب أي مخالفة بحق قوات سوريا الديمقراطية.
وأضاف “الخضر” أنه بالنسبة للصحفيين العرب للحاصلين على تراخيص من “قسد”، فإن أي مخالفة أو كلام عن “قسد” أنها ارتكبت جرائم أو انتهاكات فإنه يتم اعتقال الصحفي، وفورًا يتم إيقاف الترخيص، ومن الممكن أن يتم اعتقال الصحفي حتى أن يتم طرده من مناطق سيطرة تلك القوات، وعلى اعتبار أن قسد هي سلطة أمر واقع فهي الضابطة للعمل الصحفي داخل مدينة الرقة، على حد وصفه.
وذَكر “الخضر” أنه من أبرز الشروط التي تفرضها قوات سوريا الديمقراطية على العمل الصحفي في مناطقها، أنه لا يمكن للصحفي الأجنبي أن ينزل مباشرةً إلى مدينة الرقة، بل عليه بداية الأمر أن يقوم بمراسلة قوات “قسد” وأخذ موافقة منها، ومن بعدها على هذا الصحفي أن يصل أولًا إلى أماكن أو نقاط تابعة لتلك القوات في منطقة الرقة، ومن بعد أخذ الموافقة بشكل تام ينتقل إلى المدينة، مشددّا على أنه ليس بإمكان أي صحفي حتى ولو كان من الصحافة الغربية أن يدخل ساعة يشاء إلى مدينة الرقة أو يخرج منها.
ومن الشروط المفروضة على عمل الصحفي في مناطق “قسد”، أنه لا يجب على الصحفي العربي أو الغربي أن يكتب ضد “قسد” كأن يحاول الصحفي مثلًا التطرق لموضوع الصفقات التي تمت بين “داعش وقسد” وكيف انسحبت من مدينة الرقة، فهذا الأمر يعتبر من “المحرمات” بالنسبة لقسد.
ونوّه المصدر ذاته، إلى أنه لا يوجد أي شروط صادرة بشكل رسمي ومكتوب ومصادق عليه من تلك الجهات المسيطرة على المدينة فيما يخص العمل الصحفي، بل إن الأمر متروك لعناصر قسد للتصرف وفق ما يرونه مناسبًا، وبالتالي فإن لهم مطلق الحرية في التعامل مع الصحفي إن كان فيما يتعلق بتوقيفه واعتقاله أو طرده بشكل كامل من المنطقة، في حال مخالفته للضوابط والقوانين المفروضة من قبل قسد.
وتابع، أن “هناك الكثير من الصحفيين ممن تم اعتقالهم وتغييبهم، ورغم نكران “قسد” لهذا الأمر إلا أنه هناك شهود على ذلك حول عمليات الاعتقال والتغييب والطرد والمضايقة ومصادرة أجهزة العمل الصحفي والانترنت، لافتًا إلى أن الانتهاكات التي تمارسها “قسد” بحق العمل الصحفي اليوم لا تختلف عن الانتهاكات التي كانت في ظل سيطرة داعش على المدينة.
وفي رد منه على سؤال حول عدد الصحفيين العاملين في مدينة الرقة خلال هذه الفترة، أجاب “الخضر” بأن “عدد الصحفيين داخل مدينة الرقة يصعب تحديده، إلا أنه يوجد عدد لا بأس به من الصحفيين الأجانب المرخصين من “قسد”، وبالمقابل هناك عدد قليل جدًا من المراسلين التابعين لشبكات إعلامية سورية أو بإدارة سورية ويعملون علنًا بموجب الترخيص الممنوح لهم من قسد.
أما بالنسبة للصحفيين السريين والشبكات السرية؛ لا يمكن إحصاء عددهم، فمنظمة “صوت وصورة” على سبيل المثال لديها “أربعة مراسلين” يعملون بشكل سري داخل المدينة، ومن الممكن أن يكون هناك العديد من الشبكات الإعلامية لها مراسلون يعملون بشكل سري، لذا من الصعب إحصاء العدد الدقيق للعاملين في المجال الإعلامي داخل مدينة الرقة.
وطالب “الخضر” في ختام حديثه، الدول الداعمة لقسد أن تضغط عليها لضمان سلامة العمل الصحفي في مناطقها، معربًا في الوقت ذاته عن اعتقاده بأن تلك الدول ربما تكون راضية عن ممارسات وانتهاكات “قسد” في التضييق على عمل الصحفيين، في سبيل عدم نقل الواقع الحقيقي الموجود ضمن الرقة والتي تسيطر عليها قسد منذ عدة أشهر، إلا أن الوضع فيها لا يزال على حاله، مبينًا أن “الألغام” لا تزال تنفجر، كما أن تنظيم “داعش” لا يزال ينفذ عمليات “الخطف والاغتيال”، لذا فالمطلوب هو سلطة حقيقية تضمن سلامة الصحفيين وحريتهم، وتضمن لهم حرية الرأي وأن يتحدثوا عن أي شيء يرغبون به.