“قلم رصاص” مشروع إبداعي في إدلب يحيي الأمل ويحقق الأحلام

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

بعد 14 عاماً من التخرج من معهد الطباعة والنشر في دمشق، وفي سن الـ 33، وبعد إنجاب ثلاثة أطفال، قررت السيدة “سارة مصطفى” الشروع في تحقيق حلمها الذي طالما راودها في مجال التصميم الفني. بدأت مشروعها الصغير منذ عام ونصف، وبدأ يتطور وينمو ببطء، ولكن بثبات، وفقًا لوصفها، مع أمل كبير أن يصبح يوماً ما مشروعاً كبيراً.

“قلم رصاص” هو مشروع تصميم فني غرافيكي بدأت به سارة في منزلها بمدينة سرمدا شمال إدلب، مستخدمة أدوات محدودة لا تتجاوز آلة قص وحاسوب وطابعة، إلى جانب الكثير من الأفكار الملهمة التي تنفذها بأسلوب سلس وبسيط يعكس بيئة المجتمع المحلي.

اليوم، ينتج مشروع “قلم رصاص” ملصقات صغيرة بمواضيع متنوعة لتزيين الدفاتر المدرسية، تحاكي البيئة المحلية بعيداً عن الأنماط التقليدية المتوفرة في الأسواق، وتجذب الطالبات برسومات فنية تعبر عن هويتهن وتلامس مشاعرهن، ما جعلها تحظى بإقبال واسع في إدلب وريفها بعد توزيعها في المكتبات.

مع كل خطوة، كانت “سارة” تطور منتجات مشروعها حديثاً، قدمت مجموعة أسمتها “جورنالي” تضم مجموعة من الملصقات التي يمكن من خلالها صنع فواصل الكتب وحمايات الهاتف والرسائل المصنوعة يدوياً من تجميع القصاصات، والصور، وأوراق الصحف، وغيرها. كما أضافت إلى تصاميمها ملصقات تعبر عن الثورة السورية والقضية الفلسطينية.

تتحدث “سارة” عن بدايات مشروعها قائلة: “في عام 2020، خطرت ببالي فكرة المشروع بينما كنت أعمل موظفة، إلا أن طموحي بقي أحد أولوياتي التي انتظرت الوقت المناسب لتحقيقها”.

الإمكانيات المادية المحدودة لم تثنِ سارة عن تحقيق مشروعها. فقد بدأت بالتخطيط له بفتح ملف على حاسوبها، حيث سجلت دراسة شاملة تضمنت كل ما يحتاجه المشروع من آلات ومواد، بالإضافة إلى بحث عن الأسعار وكيفية الحصول على المعدات اللازمة. كما دونت أهداف المشروع وكل تفاصيله الصغيرة.

ومع مرور الوقت، جمعت كل معلومة وصورة وفيديو يمكن أن يكون مفيداً لمشروعها، واحتفظت بها في مجلد خاص على هاتفها أسمته “مشروعي”. كان هذا التخطيط وكأنه استعداد لانطلاقة قريبة، رغم أن الظروف لم تكن مهيأة بعد. وظل هذا الملف محفوظاً حتى جاء اليوم الذي نفذت فيه سارة خطتها على أرض الواقع.

قبل عام تقريباً، اشترت سارة أول قطعة من المعدات اللازمة للمشروع، وهي ماكينة القص، التي كانت النواة الأولى لانطلاقة “قلم رصاص”. رغم أن هذه الماكينة لم تكن كافية بمفردها، إلا أنها مثلت خطوة كبيرة على الطريق بفضل التخطيط المسبق الذي جعل المشروع يحقق تقدماً ملموساً.

بعد ذلك، بدأت سارة في توسيع مشروعها تدريجياً، مستخدمة الأرباح لشراء المزيد من المعدات مثل ماكينة تجليد حراري ومعدات أخرى. ورغم اعتمادها على موارد محدودة، فإنها استفادت من كل فرصة متاحة، بما في ذلك شراء بعض المعدات من تركيا نظراً لعدم توفرها محلياً.

ورغم أنها لم تحقق بعد أي أرباح مالية ملموسة من مشروعها، حيث تعيد استثمار الأرباح في توسيع العمل وتقديم منتجات جديدة، إلا أن سارة تشعر بفرحة الإنجاز كلما رأت التأثير الإيجابي لمنتجاتها. من خلال تجربتها، تنصح الخريجين الجدد بالتخطيط لمشاريعهم المستقبلية في المجالات التي يحبونها ويبدعون فيها، ومواصلة تطوير أنفسهم حتى يأتي الوقت المناسب لتحقيق أحلامهم.

“سارة مصطفى” واحدة من نساء سوريات ناجحات وهي نموذج حي للإصرار والعزيمة في مواجهة التحديات، وتحقيق الأحلام بإمكانيات محدودة. قصة “قلم رصاص” ليست مجرد مشروع صغير، بل هي رمز للأمل والإبداع وسط ظروف قاسية، وإلهام لكل من يسعى لتحقيق حلمه مهما كانت الصعوبات.

مقالات ذات صلة