في موسم المونة، تحرص عائلات الشمال السوري على تحضير كميات معينة منها، كجزء من التقاليد التي اعتادت الأسر السورية الحفاظ عليها. ومع ذلك، فإن التدهور المعيشي والاقتصادي أدى إلى تأثيرات واضحة على طقوس تحضير المونة الشتوية، حيث اضطرت العديد من العائلات إما إلى التخلي عنها أو تقليل كمياتها بشكل يتناسب مع قدرتها المادية.
يُعتبر شهر آب الحالي موسم تحضير مونة المكدوس والفليفلة الحمراء، وهو يمتد حتى منتصف شهر تشرين الأول. وخلال هذا الموسم، تستغل بعض الأسر هذه الفرصة لخلق فرص عمل جماعية ومصدر دخل مؤقت ينتهي بانتهاء موسم المونة. تقوم هذه الأسر بتحضير المونة وبيعها للأهالي بأسعار مناسبة، حسبما أوضحت السيدة “أم آدم”، إحدى النساء العاملات في هذا المجال.
السيدة الثلاثينية، المقيمة في أحد التجمعات السكنية بريف إدلب الشمالي، تشير إلى أن مونة المكدوس تحتل مكانة خاصة في حياة الأسر السورية، وتُعد واحدة من أشهر الأكلات التراثية الشعبية، حيث تتصدر قائمة بيت المونة السوري سواء في وجبات الفطور أو العشاء.
وتضيف “أم آدم” أن الكميات التي كانت تحضر في السنوات السابقة كبيرة جداً، ولكن الغلاء وارتفاع أسعار المواد الأولية الضرورية لتحضير المكدوس أجبر الكثيرين على التخلي عنها أو تقليل كمياتها.
وفيما يتعلق بتكاليف الموسم الحالي، تقول “أم آدم” إنها ارتفعت بشكل ملحوظ مقارنة بالعام الماضي، حيث بلغ سعر كيلو الباذنجان 7 ليرات تركية، والفليفلة 8 ليرات، والجوز البلدي 170 ليرة، ولتر الزيت النباتي 45 ليرة. وتقدر تكلفة تحضير مضربان المكدوس بسعة عشرة كيلوغرامات بحوالي 500 ليرة تركية، وهو مبلغ مرتفع مقارنة بالكمية المحدودة والقدرة الشرائية لغالبية الأهالي.
في ظل هذه الظروف، قامت العديد من العائلات بتقليل كميات مونة المكدوس هذا الموسم، كوسيلة للتأقلم مع الظروف المعيشية الصعبة. في المقابل، عجز قسم آخر عن صنع مونة المكدوس تماماً، بينما اكتفت بعض الأسر بشراء كمية صغيرة، لا تتجاوز بضع كيلوات منه، كنوع من عدم الحرمان.
في ظل الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة، يبدو أن العائلات السورية في الشمال مضطرة للتخلي عن بعض تقاليدها الشعبية مثل تحضير المونة. ومع مرور الوقت، قد يصبح الحفاظ على هذه التقاليد التراثية أكثر صعوبة، مما يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الشعب السوري.
