مضى أكثر من 11 عامًا على اختفاء الشاب “محمد عباس” في دمشق عند أحد حواجز النظام، عندما كان برفقة زوجته وابنه الرضيع أثناء مرورهم من أمام الحاجز، تتذكر زوجته “رولا” هذه التفاصيل وتغص في دموعها وهي تروي قصة اعتقاله لنا.
لم تعترف أي من الأفرع الأمنية في دمشق بمصير “محمد”، حينما سألت عنه زوجته ووصفت الضابط الذي أنزله من السرفيس عند الحاجز واعتقله، وهددها الضابط بالاعتقال أيضًا، إذا اعترضت أو سألت عن السبب.
في 15 تشرين الثاني من عام 2013، اختفى محمد، وما يزال مصيره مجهولاً حتى اليوم، وهو واحد من أكثر من 113 ألف شخص مختفٍ قسريًا في سوريا، معظمهم أخفاهم نظام الأسد منذ عام 2011 حتى 2024، وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، هؤلاء المختفون يقبعون في معتقلات وسجون، حيث يتعرضون لأشدّ أنواع التعذيب.
يصادف يوم 30 أغسطس/آب اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، وهم الأشخاص الذين يتعرضون للاختطاف من قبل جهات حكومية أو غير حكومية دون معرفة مصيرهم.
وتنتشر هذه الظاهرة في مناطق الحروب والصراعات المسلحة، وقد تسببت الحرب التي يعيشها السوريون في أعداد هائلة من الأشخاص المختفين قسريًا والمفقودين، الذين تحولوا إلى أرقام وملفات مجهولة.
تنتظر “رولا” وآلاف السوريين مثلها أخباراً عن ذويهم المفقودين، بعد عجزها عن معرفة مصير زوجها المختفي منذ نحو عقد، تقول إنها لم تترك وسيلة لمعرفة مصيره إلا لجأت إليها، دون فائدة، مع حالة إنكار كبيرة من قبل الأجهزة الأمنية في حكومة النظام للاعتراف بمكان وجوده أو سبب اعتقاله.
وحول ظاهرة الاختفاء القسري في سوريا، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، والذي يصادف 30 أغسطس/آب من كل عام.
وأفاد التقرير بأن ما لا يقل عن 113,218 شخصًا، بينهم 3,129 طفلًا و6,712 سيدة، لا يزالون قيد الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع في سوريا منذ مارس/آذار 2011، كما أشار التقرير إلى أنه لا أفق لإنهاء جريمة الاختفاء القسري في سوريا.
وأضاف التقرير أن أطراف النزاع في سوريا استمرت في عام 2024 في استخدام الاختفاء القسري كوسيلة رئيسة للقمع والسيطرة وأداة للابتزاز المادي للضحايا وذويهم، وقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تورط جميع الأطراف، بما في ذلك قوات النظام السوري، وقوات سوريا الديمقراطية، وفصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، وهيئة تحرير الشام، في تنفيذ عمليات اختفاء قسري ضد المدنيين.
تستمر معاناة مئات آلاف الأسر السورية التي تنتظر معرفة مصير أحبائها المختفين قسريًا، وسط استمرار حالة الإنكار والغياب التام لأي حل قريب لهذه المأساة الإنسانية المستمرة.
ملف المختفين في سوريا يظل وصمة عار على جبين الإنسانية ويحتاج إلى جهود دولية حثيثة لإنهاء معاناة آلاف الأبرياء وإنقاذ من تبقى على قيد الحياة.