شهدت منطقة عفرين شمال شرقي حلب في يوم واحد حالتي انتحار مأساويتين، الحالة الأولى لفتاة تبلغ من العمر سبعة عشر عامًا ألقت بنفسها من الطابق الثالث لأسباب مجهولة، بينما الحالة الثانية كانت لسيدة في الثلاثينات من عمرها في بلدة معبطلي التابعة لعفرين، حيث تناولت حبة غاز الفوسفين السامة وتم إسعافها إلى المستشفى على الفور.
هذه الحوادث تعكس تصاعد الضغوط النفسية والاجتماعية التي يعاني منها سكان شمال غربي سوريا، فقد سُجلت في الفترة الماضية ثلاث حالات انتحار أخرى في مناطق متفرقة من ريفي إدلب وحلب، معظمها ناجمة عن ضغوط نفسية شديدة.
يشير خبراء في الشؤون الإنسانية إلى أن حالات الانتحار في مناطق النزاعات المسلحة غالبًا ما تكون نتيجة للتدهور الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه الأفراد، الفقر المدقع وانعدام الأمل في تحسن الظروف يدفع الكثيرين إلى اليأس، مما يبرز الحاجة الملحة لتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي في هذه المناطق.
تتطلب هذه الضغوط النفسية المستمرة، التي يعيشها سكان شمال غربي سوريا في ظل الظروف القاسية، استجابة إنسانية عاجلة وشاملة تشمل جميع جوانب الحياة، ولا تقتصر فقط على تقديم مساعدات مؤقتة، بل يجب أن تكون هناك حلول مستدامة تُعيد للأهالي الأمل وتوفر لهم الكرامة.
تأتي هذه الحوادث في سياق زيادة معدل حالات الانتحار في الداخل السوري، نتيجة الظروف المتردية والضغوط النفسية، وأحيانًا بسبب العنف الأسري، وقد رصدت منصة SY24 العديد من هذه الحالات في تقارير سابقة.
ومنذ بداية العام الجاري، وثق فريق منسقو استجابة سوريا 43 حالة انتحار، منها 19 حالة باءت بالفشل، وتشير الإحصائيات إلى زيادة بنسبة 14% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما توزعت الحالات بين 24 حالة انتحار أدت إلى الوفاة، بينها ستة أطفال وعشر نساء، و19 حالة انتحار فاشلة، بينها تسع نساء وأربعة أطفال.
تشكل النساء الفئة الأكبر من هذه الحالات، نظرًا لعدم وجود دعم كافٍ لمساعدتهن في تجاوز الصعوبات، بالإضافة إلى اليافعين غير القادرين على التعامل مع الضغوط المختلفة التي يواجهونها.
وفي هذا السياق، دعا الفريق المنظمات الإنسانية إلى توسيع عمل العيادات النفسية داخل المراكز الطبية وتفعيل أرقام خاصة للإبلاغ عن الحالات المحتملة للتعامل معها بشكل عاجل، كما أوصى بزيادة عدد المصحات الخاصة بعلاج مدمني المخدرات، خاصة بعد انتشار تعاطي وترويج المخدرات، والتعاون مع الجهات المسيطرة للإبلاغ عن المروجين، نظراً لأن متعاطي المخدرات يكونون في حالة غياب تام للوعي، مما يعرضهم لمخاطر الانتحار دون وعي منهم.