وقع آلاف الأطفال في الشمال السوري ضحية للتسرب المدرسي، وحُرموا من حقهم في الحصول على التعليم، لا سيما الأطفال المقيمين في المخيمات العشوائية، تأتي هذه المشكلة في ظل صعوبات كبيرة تواجه الأطفال الذين يحاولون متابعة تعليمهم.
تتمثل التحديات في بُعد المدارس عن أماكن سكنهم، وعجزهم عن دفع تكاليف المواصلات، إضافة إلى قلة المنشآت التعليمية المجانية مقابل ارتفاع أقساط التعليم الخاص، مما يجعلهم أسرى لظروفهم المعيشية والاقتصادية الصعبة.
“محمد عليوي”، طفل يبلغ من العمر 12 عامًا، لم يتلقَ تعليماً منذ ثلاث سنوات، وبدلاً من ذلك اتجه للعمل في محل لتصليح الدراجات النارية على أطراف بلدة أطمة شمال إدلب، يروي “محمد” أنه يتمنى أن يكون مثل باقي الأطفال، يتجهز للعام الدراسي الجديد ويشتري القرطاسية والحقيبة المدرسية، إلا أن ظروفهم المعيشية حالت دون تحقيق هذا الحلم.
يضيف “محمد”، أن أسرته فقيرة وتسكن في أحد المخيمات، والمدرسة بعيدة جدًا بحيث لا يمكنه السير إليها يوميًا، ولا تستطيع عائلته تحمل تكاليف المواصلات، عمله الحالي يساعد والده في تأمين مصروف المنزل، مما جعل التعليم بالنسبة له حلمًا بعيد المنال.
تتجلى الآثار السلبية للتسرب المدرسي في الشمال السوري على الأفراد والمجتمعات على حد سواء، حيث يساهم في زيادة معدلات الفقر، وعمالة الأطفال، وانتشار حالات التسول، إلى جانب آثار اجتماعية أخرى كارثية.
في هذا السياق، كشف فريق “منسقو استجابة سوريا” في تقرير له الاثنين الماضي، أن 66% من مخيمات النازحين شمال غربي سوريا تفتقر إلى مدارس أو نقاط تعليمية، مما يجبر الأطفال على قطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مدرسة.
وذكر الفريق أن قرابة 50% من المدارس في المنطقة تعاني من انقطاع الدعم، مما دفع مئات المعلمين إلى الهجرة، وتحول آخرون إلى مهن بديلة، في الوقت الذي يعاني فيه قطاع التعليم من ضعف في الاستجابة، التي بلغت 32% فقط خلال العام الماضي 2023. هذه المعطيات دفعت نحو خصخصة التعليم، وزادت من نسب التسرب، وحرمت آلاف الطلاب من حقهم في التعليم.
أزمة التسرب المدرسي في الشمال السوري تعد من أخطر التحديات التي تواجه المجتمع، إذ يتسبب غياب التعليم في مستقبل قاتم للأطفال والمجتمع بأسره، يجب على الجهات المعنية والمجتمع الدولي بذل المزيد من الجهود لدعم التعليم، لضمان ألا يظل التعليم حلمًا بعيد المنال للأطفال الذين يواجهون الفقر والتهجير.