بخيط من النايلون الملون، تعمل “أم علي” على حياكة ثقوب خيمتها المهترئة، وشقوقها الواضحة بفعل أشعة الشمس الحارقة طوال أشهر فصل الصيف، فهي بهذه الطريقة تبدي استعدادها لاستقبال فصل الشتاء.
يعيش قاطنو المخيمات في الشمال السوري ظروفاً معيشية متردية ويفتقدون فيها إلى أدنى مقومات الحياة، في ظل عجز الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية عن توفير احتياجاتهم من مواد التدفئة وخيام جديدة وغيرها.
“أم علي”، سيدة في الأربعينيات من عمرها وأم لسبعة أطفال، نازحة من قرية كفرنبودة بريف حماه الشمالي، وتقيم مع عائلتها في إحدى المخيمات العشوائية القريبة من مدينة سرمدا الحدودية مع تركيا.
مع اقتراب فصل الشتاء، تقوم “أم علي” بخياطة الشقوق الكثيرة التي باتت واضحة في أقمشة خيمتها. تقول: “منذ أربع سنوات وأنا أعمل على ترقيعها كل عام مع بداية الشتاء لمنع دخول المطر”.
تجلس “أم علي” لساعات طويلة تتنقل بين واجهات الخيمة، وبيدها إبرة كبيرة وخيط، إضافة إلى قطع من بطانية سميكة، لتقوم بإضافتها كرقعة في الأماكن التي تعجز عن إيصال الأطراف ببعضها بسبب كثرة الشقوق.
تقول: “أحاول بكل جهدي إغلاق كل العيوب فيها، على أمل أن نمضي بها أشهر الشتاء القادمة”.
تمضي “أم علي” أشهر الشتاء الطويلة وهي في حالة استعداد دائم لإزالة مياه الأمطار من خيمتها أو لشد الحبال بشكل أقوى خوفاً من اقتلاعها بسبب الرياح القوية.
يعاني معظم سكان المخيمات العشوائية، المبنية غالباً على التراب الأحمر، من صعوبات كثيرة، أهمها غرق أثاث الخيام بسبب الأمطار القوية.
“أم عبدالله”، سيدة في الثلاثينيات من عمرها وأم لخمسة أطفال، تقيم في مخيم عشوائي غربي مدينة إدلب، تعاني كل عام من غرق أثاث خيمتها بفعل الأمطار المتوسطة والقوية.
تقول: “العام الماضي، اضطررت لأكثر من عشر مرات إلى مغادرة الخيمة حتى تجف من مياه الأمطار التي أغرقتها”.
تشعر “أم عبدالله” بقلق كبير مع حلول فصل الشتاء. تقول: “بات الشتاء كابوساً على كافة سكان المخيمات، لما يواجهونه من معاناة وصعوبات تفوق قدرتهم”.
يعيش قاطنو المخيمات ظروفاً متشابهة، حيث يواجهون صعوبات وتحديات كبيرة طيلة فصل الشتاء، ويطالبون الجهات المعنية بتعبيد طرقاتهم الطينية وتزويدهم بخيام جديدة، ودعمهم بمواد التدفئة لحماية أجسادهم من البرد القارس القادم.