لم يُفرط والد الطالبة “سمر” في كتب ابنته العام الفائت، على أمل بيعها بسعر جيد، ليشتري بثمنها كتباً جديدةً لها مع بداية العام الدراسي الجديد.
تعاني مديرية التربية والتعليم في إدلب من عجز كبير في تأمين الكتب المدرسية للطلاب في المرحلتين الأساسية والثانوية، مما يضطر غالبية الأهالي إلى طباعة كتب أطفالهم من حسابهم الخاص، وهذا ما يرتب عليهم تكاليف إضافية تثقل كاهلهم.
“سمر”، 13 عاماً، طالبة في الصف الثامن، تقيم في جبل الزاوية، ومع بداية العام الدراسي تشكو من افتقار المدرسة لتوفير الكتب المدرسية لطلابها، مما يضطر والدها إلى طباعة كافة الكتب لها ولأخوتها الأربعة.
تقول الطالبة: “والدي عامل مياومة يتقاضى أجوراً زهيدة، لا تتجاوز 150 ليرة يومياً، بالكاد تكفي لسد احتياجات منزلنا الضرورية”.
مع بداية العام الدراسي، يترتب على رب الأسرة في الشمال السوري تكاليف كبيرة مثل القرطاسية، الدفاتر، الحقائب، بالإضافة إلى طباعة الكتب المدرسية، تقول “سمر”: إن والدها استدان من أحد أصدقائه هذا العام أكثر من 100 دولار لشراء مستلزماتنا المدرسية وطباعة الكتب.
يسعى والد “سمر” إلى بذل كل ما بوسعه ليستمر أطفاله في متابعة تعليمهم، وخاصةً أنهم طلاب متفوقون ودرجاتهم عالية دائماً، يقول: “لا أقبل أن يتوقف أولادي عن المدرسة بسبب المال، تعليمهم أهم من أي شيء آخر”.
حسب تقرير صدر عن فريق منسقي الاستجابة في سوريا، في أيلول الماضي، وصل عدد الأطفال المتسربين عن المدرسة إلى أكثر من 386 ألف طفل شمال غربي سوريا، و84 ألف طفل داخل المخيمات تسربوا عن التعليم لأسباب مختلفة، منها عدم قدرة الأهل على تأمين مستلزمات الطفل التعليمية.
مع بداية العام الدراسي، يشتري الشاب “سعيد”، صاحب مكتبة الباشا في مدينة أريحا، أعداداً كبيرة من علب الحبر والورق الأبيض، تجهيزاً لاستقبال طلبات الأهالي لطباعة الكتب المدرسية لأطفالهم.
يقول “سعيد” إن كافة المكتبات في الشمال السوري تشهد إقبالاً كبيراً من الأهالي على طباعة الكتب المدرسية، وذلك بسبب عدم توفيرها مجاناً للطلاب.
يتراوح سعر طباعة الكتاب الواحد حسب عدد أوراقه. يشير “سعيد” إلى أنه يتقاضى أجور الطباعة على الورقة الواحدة، حيث يصل سعر الورقة إلى 0.34 دولار أمريكي، أي أن الكتاب الواحد بـ100 ورقة تصل تكلفته إلى 1.2 دولار أمريكي.
أصدرت “وحدة تنسيق الدعم” تقريراً العام الماضي تحت مسمى “الإصدار التاسع”، قدمت فيه تقييماً للواقع التعليمي في شمال سوريا، وقالت إن “إجمالي الطلب على الكتب في المدارس التي شملها التقييم في الشمال السوري وصل إلى أكثر من 677 ألف كتاب، وفي مدارس إدلب المشمولة بالتقييم بلغ عدد الكتب المطلوبة 247.72 ألف نسخة، أما الكتب المتوفرة فإن 80% منها مستخدمة سابقاً”.