في تطور لافت للأحداث في جنوب سوريا، أطلق أهالي محافظة السويداء تحذيرات شديدة اللهجة من قبول أي معونات روسية تقدمها القوات الروسية لبعض الأطراف في المحافظة.
هذا الموقف يأتي في ظل تزايد الزيارات الروسية إلى المنطقة، والتي تحمل في ظاهرها طابعًا إنسانيًا، لكنها تثير في باطنها شكوكًا عميقة لدى السكان المحليين.
ووفقًا لمصادر موثوقة أفادت بها شبكة السويداء 24، وصل وفد روسي تابع للشرطة العسكرية الروسية إلى مدينة السويداء يوم الإثنين، مصطحبًا معه شاحنتين محملتين بالمساعدات.
وفي خطوة أثارت الريبة، تم إفراغ حمولة الشاحنتين في مقر فرع الحزب التابع للنظام السوري، مما يشير إلى توزيع انتقائي للمعونات.
هذه الزيارات الروسية ليست حدثًا منفردًا، بل هي جزء من نمط متكرر يشهده سكان السويداء ومناطق سورية أخرى، حيث تتنوع المساعدات المقدمة بين مواد غذائية وطبية وألبسة ومستلزمات متنوعة، في محاولة ظاهرية لتلبية احتياجات السكان الأساسية، حسب مراقبين.
وتكشف ردود فعل الأهالي عن حالة من عدم الثقة والريبة تجاه هذه المبادرات الروسية، فقد عبّر العديد من السكان عن مخاوفهم من أن هذا “التقارب التدريجي” و”الود الجديد” من قبل الروس قد يكون تمهيدًا لسيناريو جديد يهدف إلى تغيير الوضع الوطني في المنطقة، وفق تعبيرهم.
وفي سياق متصل، أشار بعض الأهالي إلى أن هذه المساعدات قد تكون موجهة بشكل حصري لدعم القيادات الحزبية، متجاهلة احتياجات عامة الشعب.
وأعرب أحد السكان عن هذا الشعور بقوله: “مساعدات دعم للقيادات الحزبية فقط”، مما يعكس حالة من الاستياء تجاه التوزيع غير العادل للمعونات.
ومن جانب آخر، برزت مخاوف جدية من أن تكون هذه المساعدات ستارًا لأهداف أكثر إثارة للقلق، فقد أعرب بعض الشباب عن اعتقادهم بأن الهدف الحقيقي من هذه الزيارات قد يكون تجنيد الشباب السوري للقتال في أوكرانيا، وذلك بالتعاون مع فرع الحزب المحلي.
وفي تعليق يلخص موقف الكثيرين، قال أحد الأهالي: “من ماله يهدى له، يسرقون خيرات بلدنا ويعطونا الفُتات”، في إشارة إلى الشعور بأن هذه المساعدات ليست سوى جزء ضئيل مما تم نهبه من موارد البلاد.
وحول ذلك، قالت الناشطة السياسية راقية الشاعر لمنصة SY24: “في أكثر من مرة تكررت زيارات وفد من الشرطة العسكرية الروسية لتقديم المساعدات، وأكثر من مرة تم رفض هذه المساعدات في أكثر من قرية وبلدة، لسبب بسيط وهو أن أهالي السويداء يعتبرون التواجد الروسي على الأراضي السورية هو بمثابة احتلال”.
وأضافت: “الأهالي ينظرون إلى هذه المساعدات المقدمة من الروس هي بالأصل من خيرات وثروات الشعب السوري، وبالتالي يتم رفض أي عمل من هذا التوع من قبل المحتل الروسي”، مشيرة إلى بعض الأشخاص الموالين للنظام السوري وسلطاته الأمنية لا مانع لديها من استلام المعونات الروسية على اعتبار أنهم عملاء للروس وإيران والنظام السوري، ومن هنا تأتي التحذيرات من قبول أي مساعدات من “المحتل الروسي”، حسب وصفها.
وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مطروحًا حول مستقبل العلاقة بين القوات الروسية والسكان المحليين في السويداء، وما إذا كانت هذه المبادرات ستنجح في تحسين صورة روسيا أم ستزيد من حدة التوتر والشكوك في المنطقة، حسب مراقبين.