لم يكن خبر انتقال صاحب التاريخ الحافل بالجرائم وسيء الصيت رئيس فرع الأمن العسكري سابقا في السويداء المدعو وفيق ناصر مصدر راحة وطمأنينة لأهالي المحافظة، بعد أن حول النظام السويداء على مدار سبع سنوات لمرتع تتعشش فيه الميليشيات والشبيحة، ففي داخل كل واحد من هؤلاء وفيق ناصر آخر، ولخصوا الحكاية بقولهم “ذهب السيء وبقي الأسوأ”.
المحافظة الواقعة جنوبي غربي سوريا والتي سعى نظام الأسد جاهدا لضمها إلى صفه، تعيش أتعس ظروفها على المستوى الإنساني والاجتماعي والاقتصادي، فجولة واحدة على الصفحات التابعة لها على مواقع التواصل الاجتماعي تُبين المشهد بوضوح تام، فالجرائم والسرقات وعمليات الخطف والقتل تكاد تكون شبه يومية، وليس خبر مقتل سيدة في المدينة منذ أيام قليلة إلا واحدة من هذه القصص.
فهل تحظى فعليا السويداء بالأمن والأمان الذي يروجه عنها إعلام النظام؟ الإجابة على هذا السؤال لا تتطلب أكثر من سرد سريع لأسماء أكثر من 15 ميليشيا مسلحة قوامها بالآلاف تتمتع بحماية أمنية من قبل قوات النظام، ليس أولها الدفاع الوطني واللجان الشعبية ولن يكون آخرها ميليشيا “درع الوطن” المشكلة حديثا، فالرصاص الطائش والحواجز العشوائية والجرائم اليومية التي ترتكبها هذه الميليشيات تدحض رسميا الرواية الإعلامية التي يصنعها النظام السوري في غرف مخابراته.
بالمناسبة لم تكن روسيا المحتلة بمنأى عن هذه الفوضى، فقد ضلعت بشكل مباشر بالإشراف على ميليشيات مسلحة، وكذلك الأمر حزب الله اللبناني الذي شكل بالمحافظة ما يعرف باسم “حزب الله السوري”، وعلى اللجنة الأمنية التابعة للنظام تأمين التغطية والحماية القانونية، والضحايا هم مدنيون لا يشعرون بشيء من الأمن والأمان.
وفيق ناصر الذي ظهر في الشيخ مسكين وخربة غزالة بدرعا، رحل تاركا خلفه ورثة مجرمين، حملوا لواء تشبيحه وسطوته، ووضعوا أهل السويداء تحت رحمتهم ورحمة أسلحتهم التي كان آخر ظهور لها قبل يومين في سياق مشاجرة شهدها المجمع الحكومي في السويداء.
ربما الآن وربما لاحقا سيشعر أهالي السويداء بالمكيدة التي نصبها لهم نظام الأسد، وسعيه الحثيث لجعلهم في حالة صدام مع جيرانهم في حوران الذين يبادلونهم السهل والجبل، وليس بيان حركة “رجال الكرامة” الصادر مؤخراً إلا نذير شؤم على نظام الأسد، والذي جاء فيه “إن اللجنة الأمنية والأجهزة المختصة التابعة لنظام الأسد يدعمون معنويا ولوجستيا العصابات والميليشيات ويؤمنون لهم الحماية بغطاء من الوطنية”.