مرضى السرطان في الشمال.. معاناة مزدوجة بين العلاج والألم النفسي

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

مرّت ثلاثة أشهر منذ أن اكتشفت السيدة “نور محمد” إصابة ابنها “أمجد”، البالغ من العمر عشر سنوات، بمرض السرطان، رحلتهما بدأت في مشفى أضنة بتركيا بعد تدهور حالته الصحية، وكانت هذه الفترة كافية لتضاعف معاناته، حيث أصيب “أمجد” إلى جانب مرضه بالاكتئاب والخوف الشديدين جراء رحلة العلاج المؤلمة التي اضطر لخوضها في سنواته الأولى من الحياة.

يواجه الأطفال المصابون بالسرطان صراعًا مريرًا أثناء تلقيهم العلاج، سواء كان كيماويًا أو غيره، هذه الجرعات القاسية تثير الخوف في نفوس الأطفال، وتجعلهم يرفضون العلاج والحقن والخزعات التي تسبب لهم الألم، تروي السيدة “نور” عن معاناتها في إقناع ابنها بتقبل هذا النوع من العلاج، لكن دون جدوى، إذ بقي الخوف رفيق أمجد طوال تلك الفترة.

اليوم، تصف السيدة حالة ابنها النفسية بأنه أصبح أكثر عصبية وقلقًا، وكثير البكاء والشكوى، يعاني “أمجد” من خوف عميق من الحقن ومن الإجراءات الطبية التي تتطلب التخدير، هذا الخوف المتراكم جعله يرفض متابعة العلاج، مما يزيد من صعوبة السيطرة على حالته الصحية.

بعد عودتها إلى إدلب قبل أسبوعين، في فترة تفصل بين المرحلة الثانية من العلاج، لاحظت الأم أن ملامح المرض باتت واضحة على أمجد، خاصة بعد فقدانه شعره نتيجة العلاج الكيماوي، تتحدث “نور” عن التأثير النفسي الذي تركه هذا الأمر على طفلها، إذ أصبح يرفض رؤية نفسه في المرآة، ويميل إلى ارتداء القبعة بشكل دائم، في محاولة للتغلب على شعور النقص أمام إخوته وأصدقائه.

الطبيب المشرف على حالة “أمجد” أشار إلى أن إصابته بالسرطان تركت آثارًا نفسية عميقة عليه، حيث بات أكثر عصبية وقلقًا، مما يستدعي خضوعه لجلسات دعم نفسي لتخفيف الصدمة التي تعرض لها خلال رحلة العلاج.

جانب آخر من المعاناة يتمثل في اضطرار مرضى السرطان في شمال غرب سوريا للسفر إلى تركيا لتلقي العلاج، في ظل قلة المراكز الطبية المتخصصة في المنطقة.

يضطر العديد من المرضى، وخاصة الأطفال، للدخول إلى المشافي التركية من معبر باب الهوى بالتنسيق مع السلطات التركية، مع مرافق واحد أو حتى بدون مرافقة، مما يزيد من معاناتهم النفسية.

“أمجد” ليس حالة استثنائية، فهو واحد من بين ثلاثة آلاف مصاب بمرض السرطان في شمال غرب سوريا، يشكل الأطفال والنساء 65% من هؤلاء المرضى، مع تزايد يومي بمعدل ثلاث حالات جديدة، وفق تقديرات طبية من إدلب.

إلى جانب المرض، تعاني شريحة كبيرة من المرضى وأسرهم من ظروف معيشية صعبة تجعل من تأمين تكاليف العلاج تحديًا كبيرًا، خاصة مع ضعف الرواتب وارتفاع الأسعار بشكل مستمر، هذا الواقع الصعب دفع ناشطين في المنطقة إلى تجديد دعواتهم لدعم مرضى السرطان وتقديم المساعدة اللازمة، مع المطالبة بإيجاد حلول طبية وصحية فعّالة للتخفيف من معاناتهم.

تظل معاناة الأطفال المصابين بالسرطان في شمال سوريا شاهدة على تدهور الوضع الصحي في المنطقة، وسط افتقار الخدمات الطبية الضرورية، وبينما تستمر الأزمات المتتالية، فإن الحاجة الملحة لإيجاد حلول عاجلة لهؤلاء المرضى تصبح أكثر إلحاحًا، لضمان حصولهم على حقهم في العلاج والدعم النفسي، وتخفيف وطأة هذه المعاناة التي تخيم على حياتهم وحياة أسرهم.

مقالات ذات صلة