تشهد محافظة الرقة شرق سوريا أزمة صحية متفاقمة في مجال طب وجراحة العيون، حيث تعاني المستشفيات الرئيسية في المدينة من نقص حاد في الأطباء المختصين في هذا المجال الحيوي.
وقد أدى هذا الوضع إلى تعريض صحة المرضى للخطر وإجبارهم على تحمل مشقة السفر لمسافات طويلة بحثًا عن العلاج، بحسب ما أفاد به عدد من أبناء المدينة.
وفي “حادثة مؤلمة” تعكس عمق الأزمة، وفق وصف الأهالي، روى أحد سكان حي المشلب قصة معاناة أخيه الذي تعرض لإصابة خطيرة في عينه أثناء عمله، حيث واجهت العائلة صعوبات جمة في محاولاتها للحصول على الرعاية الطبية اللازمة، حيث رفض المستشفى الوطني ومستشفى السلام استقبال الحالة بحجة عدم وجود أخصائي للعيون.
وبعد ساعات من البحث المضني، تمكنت العائلة من الوصول إلى مستشفى الطب الحديث، إلا أن الانتظار الطويل وعدم توفر الرعاية الفورية دفعهم لاتخاذ قرار صعب بنقل المريض إلى دمشق، متحملين تكاليف باهظة للنقل وصلت إلى 100 دولار.
هذه الحادثة ليست سوى مثال واحد على المعاناة اليومية التي يواجهها سكان الرقة في ظل غياب الخدمات الطبية الأساسية، بحسب ما تحدث به بعض سكان المدينة.
وقد أثار هذا الوضع موجة من الاستياء والغضب بين الأهالي، حيث عبّر العديد منهم عن خيبة أملهم في النظام الصحي المحلي.
وفي تعليقات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وصف بعض المواطنين الوضع الطبي في الرقة بأنه “جمع مال” بعيد كل البعد عن الإنسانية، متهمين بعض الأطباء بالسعي وراء الثروة على حساب صحة المرضى، كما نصح آخرون المرضى بتجنب البحث عن العلاج في مستشفيات الرقة والتوجه مباشرة إلى دمشق، خاصة في الحالات الحرجة.
ويشير خبراء في المجال الصحي إلى أن المشكلة لا تقتصر على نقص الكوادر الطبية فحسب، بل تمتد لتشمل غياب الأجهزة والمعدات اللازمة لإجراء عمليات العيون المعقدة، والتي لا تتوفر إلا في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب.
وفي ظل هذه الأزمة، يتساءل الكثيرون عن مصير مهنة الطب التي كانت تُعد في السابق من أشرف وأسمى المهن، فقد أعرب بعض المواطنين عن أسفهم لما آلت إليه أخلاقيات المهنة، مشيرين إلى أن الطب في الرقة قد أصبح في نظر البعض من أكثر المهن جشعًا وبعدًا عن القيم الإنسانية، حسب رأيهم.
ووسط كل ذلك، تبرز هذه الأزمة الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة من قبل السلطات المعنية لتحسين الواقع الصحي في الرقة، وذلك من خلال توفير الكوادر الطبية المتخصصة وتجهيز المستشفيات بالمعدات اللازمة، في حين يطالب الأهالي الجهات المختصة بضرورة إعادة النظر في منظومة الأخلاقيات الطبية وتعزيز الرقابة على أداء المؤسسات الصحية لضمان تقديم خدمات طبية ذات جودة عالية لجميع المواطنين، وفق وجهة نظر الأهالي.