تشهد مدينة الرقة شرق سوريا حراكًا إنسانيًا ملحوظًا في الأيام الأخيرة، استجابة للأوضاع الصعبة التي يعيشها السوريون العائدون من لبنان.
هذه المبادرات الإنسانية جاءت لتغطية الاحتياجات الأساسية للعائدين الذين وجدوا أنفسهم في ظروف مأساوية فور وصولهم إلى مسقط رأسهم، بحسب عدد من أبناء المنطقة.
ووفقًا للبيانات الصادرة عن خلية الأزمة المختصة بشؤون القادمين من لبنان، والتي شكلتها “الإدارة الذاتية”، فإن العدد الإجمالي للعائدين إلى المنطقة قد بلغ 18,351 شخصًا، حتى تاريخ اليوم الثلاثاء 8 تشرين الأول/أكتوبر 2024، ما يسلط الضوء على حجم التحدي الإنساني الذي تواجهه المنطقة.
وفي مواجهة هذا الوضع، برزت عدة مبادرات محلية وإنسانية للاستجابة لاحتياجات العائدين، فبعد نشر أخبار عن الأوضاع المأساوية للقادمين من لبنان المتواجدين في كراجات مدينة الرقة، سارعت عدة جهات للتدخل.
ومن بين هذه الجهات: فريق صنائع المعروف التطوعي، منظمة إنقاذ الطفل، منظمة سوليدرتي، حيث توجهت هذه الفرق إلى الكراجات لتقديم المساعدات الضرورية.
وبرز دور فريق صنائع المعروف بشكل خاص، حيث استمر لثلاثة أيام متتالية في تقديم الوجبات الغذائية للعائدين، سواء في الكراجات أو في مخيم العدنانية، إذ يُعرف هذا الفريق بكونه مبادرة تطوعية مستقلة تعمل على مساعدة الفقراء والمحتاجين في مدينة الرقة، دون ارتباط بأي جهة أو منظمة رسمية، وفق الكثير من سكان المدينة.
كما جاءت هذه الجهود استجابة لمناشدات أطلقها أهالي المنطقة، حيث وصفوا الوضع بأنه “مأساوي جدًا”.
وبحسب شهادات كثيرين، فقد وصل العائدون إلى الرقة دون أي موارد مالية، مما وضعهم في حالة احتياج شديد.
بالمقابل، أبدى الأهالي استغرابهم من عدم تحرك المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة لتقديم المساعدة، مما دفع المبادرات المحلية التطوعية للتدخل وتغطية جزء من الاحتياجات.
وقد لاقت هذه المبادرات ترحيبًا كبيرًا من قبل الأهالي، حيث عبّر العديد منهم عن امتنانهم للجهود المبذولة، في حين أشار بعضهم إلى أن العائدين كانوا لاجئين في لبنان ويعملون هناك، وأنهم الآن يعودون إلى أهلهم وبيوتهم، كما أوضحوا أن بعض العائلات تبقى في الكراجات مؤقتًا قبل استكمال رحلتها إلى محافظات أخرى.
ووسط كل ذلك، تبرز هذه الأحداث التحديات الكبيرة التي تواجه عملية عودة اللاجئين السوريين من لبنان، وتسلط الضوء على أهمية التنسيق بين الجهات الرسمية والمبادرات المحلية لضمان استقبال وإعادة دمج العائدين بشكل كريم وإنساني، كما تؤكد على دور المجتمع المحلي في الاستجابة السريعة للأزمات الإنسانية، حتى في ظل غياب الدعم الرسمي الكافي.