تشهد مناطق إدلب والشمال السوري ارتفاعًا كبيرًا في أقساط رياض الأطفال، ما يزيد من معاناة الأهالي في تسجيل أبنائهم رغم الأهمية الكبيرة لهذه المرحلة التعليمية، خصوصًا للأطفال الذين سيلتحقون بالصف الأول، إذ يعاني الكثير من أولياء الأمور من صعوبة تأمين الأقساط المطلوبة في ظل الظروف الاقتصادية المتردية التي تعيشها المنطقة.
“أم أيمن”، وهي أم لطفل في الصف الأول تقيم في مدينة الدانا شمال إدلب، تشكو من تأثير غياب التعليم التمهيدي على طفلها، تقول: إن “ابنها أيمن يواجه صعوبة في المنهاج المدرسي مقارنة بزملائه الذين التحقوا بمرحلة الروضة”.
وتوضح أن “أوضاعها المالية الصعبة في العام الماضي منعتها من تسجيل أيمن في رياض الأطفال، ما جعلها الآن تتعامل مع تحديات تعليمية كبيرة”.
تتفاوت أقساط رياض الأطفال بحسب المنطقة وعدد الطلاب والخدمات المقدمة. ففي بعض رياض الأطفال في المدن، تبدأ الأقساط من 10 إلى 30 دولاراً شهريًا، ما يشكل عبئًا على العديد من الأسر التي تعيش في ظل الفقر المدقع، وتلجأ بعض العائلات إلى محاولات متواضعة لتعليم أبنائها في المنزل بمساعدة معلمات أو طالبات جامعيات، حيث تقدم هذه الدروس مقابل أقساط منخفضة لا تتجاوز 200 ليرة سورية شهرياً.
ومع استمرار هذه التحديات، يدرك الأهالي أهمية مرحلة رياض الأطفال كجزء أساسي من التعليم التمهيدي، إذ تساعد الأطفال في اكتساب المهارات الأساسية التي يحتاجونها للنجاح في الصفوف الدراسية المقبلة، لكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها غالبية سكان الشمال السوري، يظل توفير تعليم مناسب لأبنائهم حلمًا بعيد المنال.
في مناطق المخيمات، تقل الخيارات التعليمية لمرحلة الروضة، حيث تكاد تكون معدومة إلا في بعض المبادرات الخيرية التي تديرها فرق تطوعية أو منظمات إنسانية، هذه المناطق تعاني من نقص حاد في الخدمات التعليمية بشكل عام، إذ لم تقتصر المعاناة على مرحلة الروضة فقط بل شملت التعليم الأساسي بعد خروج عدد كبير من المدارس عن الخدمة جراء قصف النظام السوري والطيران الروسي للمنشآت التعليمية، كما تناولت منصة SY24 ذلك في تقارير سابقة.
يواجه قطاع التعليم في إدلب تحديات كبيرة، خاصة في مرحلة رياض الأطفال، نتيجة الارتفاع المتزايد في التكاليف ونقص الخدمات في المناطق النائية والمخيمات.
وفي ظل استمرار الأزمات الاقتصادية وتدهور البنية التحتية، يبقى الأطفال هم المتضرر الأكبر، مما يضع المجتمع المحلي والمنظمات الإنسانية أمام مسؤولية كبيرة للحفاظ على حقهم في التعليم.