تفاقمت معاناة الأهالي في الشمال السوري خلال شهر أيلول الماضي مع تزايد الأعباء المالية عليهم نتيجة عدة عوامل متزامنة. فقد جاء افتتاح المدارس ليضيف عبئاً كبيراً على كاهل الأسر، التي تجد نفسها مضطرة لتأمين مستلزمات الدراسة لأطفالها من حقائب وقرطاسية وملابس، وسط ارتفاع جنوني في الأسعار يعجز العديد منهم عن تحملها.
إلى جانب ذلك، يمثل شهر أيلول موسم “المونة المنزلية”، وهي عادة ضرورية لدى الأسر السورية لتخزين المواد الغذائية استعداداً لفصل الشتاء، إلا أن ارتفاع تكاليف المواد الغذائية الأساسية مثل الزيت والسكر والخضار دفع الكثير من العائلات إلى التخلي عن جزء كبير من هذه العادات، أو اللجوء إلى حلول بديلة أقل كلفة، ما يضعف قدرتهم على توفير مخزون غذائي يكفي لفصل الشتاء القاسي.
ومع اقتراب فصل الشتاء، تزداد الضغوط المالية على الأهالي الذين يواجهون أيضاً تحدي تأمين مستلزمات التدفئة، حيث سجلت أسعار الوقود ارتفاعات كبيرة، مما يجعل الكثيرين عاجزين عن شراء الوقود أو حتى الحطب، وهو ما يهدد بزيادة معاناتهم في مواجهة البرد القارس في الأشهر المقبلة.
وفي ذات السياق كشف تقرير صادر اليوم الأربعاء عن فريق “منسقو استجابة سوريا”، عن مؤشرات تدهور الأوضاع الاقتصادية للسكان المدنيين في الشمال السوري خلال شهر أيلول 2024، مستنداً إلى تقلبات سعر الصرف وارتفاع الأسعار والاحتياجات.
وبحسب التقرير، ارتفع حد الفقر المعترف به إلى 11,218 ليرة تركية، بينما بلغ حد الفقر المدقع 10,344 ليرة تركية.
إذ تعاني الأسر السورية في المنطقة من ضعف حاد في القدرة الشرائية، حيث أصبحت غير قادرة على التكيف مع الارتفاعات المتواصلة في الأسعار، ما جعل تأمين الاحتياجات اليومية يفوق طاقتها.
وأظهر التقرير ارتفاع معدل التضخم بنسبة 1.07% على أساس شهري و77.13% على أساس سنوي، ما أدى إلى زيادة نسبة العائلات التي تعيش تحت خط الفقر إلى 91.18%، بينما وصلت نسبة العائلات التي تعاني من الجوع إلى 41.05%، كما ارتفعت نسبة البطالة العامة لتصل إلى 88.82%.
مرجعاً السبب إلى تقليص كميات المساعدات الإنسانية الواردة عبر الحدود إلى سوريا منذ تموز وحتى اليوم، والذي أسهم بشكل كبير في تفاقم الأزمة الاقتصادية، إلى جانب زيادة سعر صرف العملات، الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية في الأسواق المحلية بنسب تراوحت بين 8% و33%.
وفي تحذير واضح، أشار الفريق إلى أن العام المقبل قد يشهد ارتفاعات قياسية في معدلات الفقر والبطالة، وقد تكون الأعلى منذ أكثر من 10 سنوات، نتيجة التعديلات المتوقعة في منهجية تقديم المساعدات الإنسانية وانخفاض كبير في مصادر التمويل، مع وصول العجز في تمويل الاستجابة الإنسانية إلى مستويات مقلقة.