مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يواجه الأهالي في الشمال السوري تحديات متزايدة في توفير مواد التدفئة، في ظل ارتفاع الأسعار وتدني مستوى الدخل وانتشار الفقر، يضطر العديد منهم إلى المفاضلة بين خيارات التدفئة المتاحة، محاولين اختيار ما يناسبهم من حيث التكلفة والجودة، خاصة مع الزيادة الكبيرة في أسعار الوقود ومواد التدفئة الأخرى.
أسعار مواد التدفئة في الأسواق:
قام مراسلنا بجولة في أسواق الشمال السوري لرصد أسعار مواد التدفئة المتوفرة. ومن أبرز المواد المستخدمة في التدفئة: الحطب، قشور اللوزيات، الفحم الحجري، المازوت، و”البيرين” الذي يُعتبر من بقايا عصر الزيتون.
وفق ما تم رصده، بلغت أسعار بعض مواد التدفئة على النحو التالي: قشر الفستق سعر الطن حوالي 140 دولار أمريكي، وقشر البندق سعر الطن حوالي 145 دولار، أما سعر طن الحطب فقد يتراوح بين 120 و170 دولار، حسب نوع الحطب ودرجة جفافه، كذلك ارتفع سعر طن الفحم الحجري ليصل إلى 225 دولار.
هذه الأسعار المرتفعة رافقها ارتفاع في أسعار المدافئ أيضًا، والتي تدرجت أسعارها حسب الجودة والنوع؛ فقد تبدأ أسعار مدافئ الحطب من 30 دولار وتصل إلى 400 دولار، ومدافئ القشر تبدأ أسعارها من 25 دولار وتصل إلى 185 دولار، ومدافئ المازوت بين 35 و70 دولار.
ارتفاع التكاليف وتأثيرها على الأسر:
تحتاج العائلات في الشمال السوري، بشكل وسطي، إلى ما يقارب 300 دولار لتأمين احتياجات التدفئة خلال فصل الشتاء، وقد يتجاوز هذا الرقم في بعض المناطق الأكثر برودة، مما يزيد من الضغط الاقتصادي على الأسر ذات الدخل المحدود.
يقول “أبو خالد” أحد سكان ريف إدلب: “كل سنة تكون التدفئة معاناة حقيقية، خاصة مع ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، الحطب أصبح مكلفًا جدًا، والبحث عن بدائل أقل تكلفة لا يجدي نفعًا لأن كل شيء غالٍ”.
أوضاع صعبة في المخيمات:
تُعد أوضاع الأهالي في مخيمات الشمال السوري شمال إدلب أكثر تعقيدًا، حيث يزداد احتياجهم لكميات كبيرة من مواد التدفئة بسبب طبيعة السكن في الخيام وصعوبة الحفاظ على الدفء.
يوضح “أبو عمار” أحد قاطني مخيم في كفر لوسين شمال إدلب، وضعه قائلًا: “نحتاج كميات أكبر من الحطب أو القشر للتدفئة، ولكن الأسعار تجعل توفير حتى الأساسيات أمرًا صعبًا جدًا، ونحن في المخيمات نعيش في برد قارس دون وسائل تدفئة كافية”.
تأثير ارتفاع الأسعار على القدرة الشرائية:
يشكو الأهالي من عدم قدرتهم على مواكبة ارتفاع الأسعار المتزايد عامًا بعد عام، تشير “أم حسن” وهي ربة منزل من ريف حلب، إلى أن ارتفاع أسعار مواد التدفئة يتجاوز القدرة الشرائية لمعظم العائلات: “من الصعب جدًا توفير حتى الحد الأدنى من التدفئة. كل الخيارات مكلفة سواء كانت حطبًا أو قشور اللوزيات أو حتى الفحم الحجري”.
وفي ظل تزايد الفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية في الشمال السوري، يواجه الأهالي تحديات قاسية مع اقتراب فصل الشتاء.
ارتفاع أسعار مواد التدفئة يضع عبئًا إضافيًا على العائلات، خاصة في المخيمات التي تتطلب كميات كبيرة من المواد للتدفئة، وبينما تبقى الأسعار غير مستقرة، يظل البحث عن حلول مستدامة وأقل تكلفة ضرورة ملحة للأهالي الذين يصارعون قسوة البرد وفقر الحال.