أعلنت وزارة الزراعة التابعة لحكومة الإنقاذ في إدلب، الأحد الماضي، عن تقديم “قرض عيني” لدعم محصول القمح في المنطقة، بهدف زيادة كمية الإنتاج للموسم القادم، وذلك بعد أن تكبّد المزارعون خسائر كبيرة خلال العام الماضي نتيجة لتعدد الأسباب والعوامل المؤثرة.
في الإعلان الذي نشرته الوزارة عبر موقعها الرسمي، أكدت أن هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود الرامية لتحقيق متطلبات الأمن الغذائي ودعم محصول القمح، وهو محصول استراتيجي بالغ الأهمية للمنطقة، ومع ذلك، يواجه الفلاحون تحديات كبيرة تفاقم من خسائرهم سنويًا، ما يجعل مستقبل هذا المحصول الحيوي غامضًا في ظل الأوضاع الراهنة.
التحديات التي تواجه الفلاحين:
أوضحت الوزارة أن القرض يشمل كافة مستلزمات المحصول مثل البذار، الأسمدة، المخصبات، والمحروقات اللازمة لتشغيل المعدات الزراعية، وسيتم تسديد قيمة القرض بشكل نقدي بعد حصاد المحصول.
ولكن، لم تضع الوزارة في الحسبان أي تعويضات عن الخسائر التي قد يتعرض لها المزارعون نتيجة تقلبات المناخ أو الظروف البيئية غير المستقرة، والتي أثرت بشكل مباشر على الإنتاج في الموسم الماضي.
الظروف المناخية في إدلب باتت تشكل تهديدًا مستمرًا للمزارعين، حيث أدى شح الأمطار في فترات حرجة من السنة إلى تراجع الإنتاج بشكل كبير، مما دفع الكثيرين إلى التخلي عن زراعة القمح أو البحث عن بدائل أكثر أمانًا وأقل كلفة.
ردود فعل المزارعين: قروض غير كافية:
لم تلقَ هذه التسهيلات المحدودة، كما وصفها المزارع “أبو حيدر”، 45 عامًا، من سهل الروج غربي إدلب، ترحيبًا واسعًا بين المزارعين، إذ أشار إلى أن القروض التي تقدمها الوزارة لا تغطي نصف التكاليف المطلوبة لزراعة القمح، بعد دراسة شاملة لتكاليف زراعة القمح هذا العام، قرر “أبو حيدر” الامتناع عن التسجيل في منحة القروض، مؤكداً أن تكاليف الزراعة تضاعفت، مما جعل هذه القروض غير مجدية للكثير من المزارعين.
وأضاف “لقد تكبدت خسائر طائلة على مدار عامين متتالين، وهذه القروض لا تغطي نصف التكاليف، وهذا هو حال غالبية المزارعين الذين يجدون أنفسهم في مأزق مالي مستمر”.
تزايد التكاليف الزراعية وتحديات مستمرة:
تتزايد تكاليف زراعة القمح والمحاصيل الأخرى في إدلب عامًا بعد عام، نتيجة لعدة عوامل منها ارتفاع أسعار البذور والأسمدة العضوية، بالإضافة إلى زيادة كلفة السقاية بسبب شح الأمطار التي تتطلب ري المحاصيل بشكل متكرر لضمان جودة الإنتاج، كما ترتفع أجور العمالة الزراعية سنويًا، مما يزيد من الأعباء المالية على المزارعين.
وفي العام الماضي، لم يواجه المزارعون أزمة شح الأمطار فقط، بل واجهوا صدمة إضافية تمثلت في الأسعار التي قدمتها حكومة الإنقاذ لشراء القمح، حيث اعتبر العديد من المزارعين تلك الأسعار غير عادلة، مقارنةً بالتكاليف الباهظة التي تحملوها خلال الموسم، لذا، فضّل الكثير منهم الاحتفاظ بالمحصول على أمل بيعه بأسعار أفضل في السوق الحرة، تعوض خسائرهم وتوفر لهم بعض الاستقرار المالي.
أهمية دعم الفلاحين بشكل شامل:
في ظل التحديات الاقتصادية والمناخية التي يواجهها المزارعون في إدلب، يبقى الدعم الحكومي غير كافٍ لتغطية تكاليف الزراعة المتزايدة، الحاجة ملحّة لتقديم حزم دعم شاملة، تأخذ بعين الاعتبار الأضرار المحتملة نتيجة تقلبات الطقس وظروف الإنتاج، بالإضافة إلى تحسين الأسعار التي تقدمها الحكومة لشراء المحاصيل، هذه الإجراءات قد تسهم في استقرار القطاع الزراعي وضمان استمرار الفلاحين في زراعة القمح والمحاصيل الحيوية، ما يعزز الأمن الغذائي للمنطقة ويساعد في تخفيف العبء عن كاهل المزارعين.