تعيش بلدة “سرجه” في ريف إدلب الجنوبي حالة من الرعب المستمر، حيث تراقب “رند”، الطفلة البالغة من العمر 8 سنوات، الأجواء بحذر، كلما سمعت صوت قذيفة أو طائرة حربية، تسرع للاختباء خلف والدتها، مُصطنعة شعور الأمان في حضنها.
تصعيد عسكري مستمر:
يشهد ريف إدلب وحلب تصعيدًا عسكريًا متواصلًا من قبل قوات النظام السوري وروسيا، مما يزيد من حالة القلق والخوف بين الأهالي، ويجبر الكثير منهم على النزوح بحثًا عن أماكن أكثر أمانًا.
أم رند، التي تعيش في بلدة “سرجه” مع عائلتها، تعاني من قلق شديد حيال أطفالها، تعبر عن معاناتهم بالقول: “لا أستطيع أن أجد طريقة للتخفيف عنهم أثناء القصف، هم يختبئون خلفي ويبكون، ويضعون أصابعهم في آذانهم، ويرتجفون من الخوف”.
حالة “رند” وأخيها ليست فريدة، بل تعكس واقع آلاف الأطفال في الشمال السوري الذين يعانون من آثار نفسية وجسدية بسبب الحرب المستمرة.
تأثير القصف على التعليم:
تقول إيمان، المعلمة في مدرسة “منطف”: “يختبئ طلابي تحت مقاعدهم الدراسية عند سماع صوت القذائف، وتتجلى معاناتهم من خلال شحوب وجوههم وارتعاش أيديهم”.
وتضيف إيمان أنها شهدت حالة إغماء لإحدى طالباتها نتيجة القصف الذي وقع بالقرب من المدرسة، ما يعكس مدى الخوف الذي يعاني منه الأطفال في هذه الظروف.
ضرورة العلاج النفسي:
تتطلب الحالة النفسية المضطربة للأطفال في هذه المناطق علاجًا عاجلاً، إذ يؤكد طبيب الأطفال “محمد سليم”، أن الرعب المستمر قد يؤدي إلى مشاكل نفسية عديدة، مثل التوحد والاكتئاب، بالإضافة إلى نوبات الهلع التي تترافق مع حالات الخوف الشديد.
كما يشير الطبيب إلى أن الأعراض الجسدية تشمل التبول اللاإرادي، والغثيان، وضيق التنفس، وهو ما يتطلب تدخلًا طبيًا عاجلاً.
تحتضن أم رند أطفالها، وتهمس في آذانهم بأن المكان آمن، محاولةً تخفيف شعور الرعب في قلوبهم، في مشهد يجسد معاناة عائلات عديدة تعيش في هذه المناطق.
تُبرز معاناة أطفال إدلب عمق الكارثة الإنسانية التي أفرزتها سنوات الصراع في سوريا، حيث يعاني هؤلاء الأطفال من آثار نفسية وجسدية مدمرة تترك بصماتها على حياتهم المستقبلية.
يتطلب الوضع الراهن من المجتمع الدولي والمحلي اتخاذ خطوات حاسمة لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وضمان توفير بيئة آمنة تعين آلاف الأطفال على التعافي واستعادة ثقتهم في الحياة.
إن آثار الحرب على صحة الأطفال النفسية والجسدية ليست مجرد أرقام أو إحصائيات، بل هي قصص مؤلمة لأطفال فقدوا الأمان والطمأنينة، ما يفرض على الجهات المعنية أن تعمل بجد لتأمين مستقبل أفضل لهم، وتوفير الفرص اللازمة لبناء حياة جديدة تتجاوز آثار الحرب.