في ظل عودة التصعيد إلى شمال غربي سوريا، تحوّلت الأيام الأخيرة إلى مشهد مأساوي من الغارات الجوية والقصف المدفعي، لتزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية وتعطّل الخدمات الأساسية في تلك المناطق.
ووفقاً لديفيد “كاردن”، نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، فإن هذه الهجمات التي بدأت في 14 أكتوبر تسببت في إغلاق مرافق صحية وتعطيل توزيع المساعدات، ما ترك آلاف العائلات في حالة من الخوف وعدم اليقين.
وفي بيان حول التصعيد في شمال غربي سوريا، أعرب كاردن عن “القلق البالغ” إزاء تصعيد الأعمال العدائية والعنف في شمال غربي سوريا، منذ 14 تشرين الأول الجاري
أرقام تروي الكارثة: 122 هجوماً في 3 أيام
وذكر المسؤول الأممي “كاردن” إلى أن مناطق في إدلب وريف حلب الغربي شهدت تصعيداً مفاجئاً تجسّد في 122 هجوماً خلال 72 ساعة فقط، من بينها 115 ضربة استهدفت مناطق سكنية، متاجر محلية، وأراضٍ زراعية، ومن بين هذه الهجمات، وقعت ثلاث غارات جوية، هي الأولى من نوعها منذ ثلاثة أشهر، لتضرب مخيماً في إدلب بينما كانت العائلات تتسلم مساعدات غذائية، ناشرةً الرعب بين السكان.
شلل الخدمات الأساسية: المياه والكهرباء في مهب الريح
يتابع المسؤول الأممي ” لم يتوقف الأمر عند الغارات، ففي اليوم التالي، طالت ضربتان جويتان محطة كهرباء غربي إدلب، ما أدى إلى خروج محطتين للمياه عن الخدمة، كانتا توفران المياه لأكثر من 30 ألف شخص في 17 قرية”
ولفت إلى أنه في الفترة ذاتها، وردت تقارير عن قصف مدفعي واشتباكات في شمالي حلب، مما أثر على المدارس ومخيمات النازحين.
المرافق الصحية خارج الخدمة وسط حالة من الشلل الإنساني
أكد “كاردن” أن القتال المستعر في المنطقة أدى إلى توقف أنشطة إنسانية حيوية، بما فيها الخدمات المقدمة من 10 مرافق صحية، الأمر الذي يفاقم من معاناة المدنيين الذين يعتمدون على هذه المؤسسات في ظل غياب بدائل أخرى.
الأمم المتحدة شددت على ضرورة التزام جميع أطراف النزاع بالقانون الدولي الإنساني، مطالبةً بحماية المدنيين والبنية التحتية وضمان أمن العاملين في المجال الإنساني.
يأتي هذا البيان بعد تفقد وفد أممي مؤخراً أوضاع نازحين سوريين وعائدين وصلوا مؤخراً من لبنان إلى إدلب شمال غربي سوريا، في زيارة تزامنت مع القصف الروسي على المنطقة.
وترأس الوفد حينها “ديفيد كاردن”، الذي قال: “إن الزيارة تهدف إلى الاطلاع على أوضاع النازحين السوريين ونقل الصورة إلى المجتمع الدولي، خصوصاً مع انتقال سوريين من لبنان إلى سوريا”
وأشار كاردن حينها إلى أن نحو 3.5 ملايين نازح يعيشون في المنطقة، وأوضاعهم تتدهور أكثر فأكثر.
مجازر ومعاناة متواصلة: المدنيون في مرمى النيران
وكانت الطائرات الحربية الروسية قد ارتكبت، الأربعاء الماضي، مجزرة مروعة بقصفها ورشة للمفروشات ومعصرة للزيتون على أطراف مدينة إدلب، ما أدى إلى مقتل 10 مدنيين وإصابة 32 آخرين، معظمهم في حالة حرجة.
وكان مراسلانا، جميل الحسن، وأيهم البيوش، قد توجها على الفور إلى مكان سقوط الصواريخ، والتقيا بعدد من المدنيين الذين أكدوا على أن المكان المستهدف هو منشأة مدنية بامتياز، ولا صلة للمكان بأي جهة عسكرية أو غيرها.
أكد أحد شهود العيان في المنطقة أن العاملين الضحايا معظمهم يعملون بأجور يومية، وبالكاد يستطيعون تأمين قوت يومهم، ولا صلة لهم بأي جهات عسكرية أو فصائلية.
وفي اليوم ذاته، استُهدفت منازل المدنيين في ريف إدلب بقصف مدفعي من قوات النظام السوري، ما أسفر عن مقتل طفلة وإصابة راعٍ خلال غارة طالت حرش قرية جوزف.
يشهد ريف إدلب وحلب تصعيداً عسكرياً متواصلاً من قبل قوات النظام السوري وروسيا، مما يزيد من حالة القلق والخوف بين الأهالي، ويجبر الكثير منهم على النزوح بحثاً عن أماكن أكثر أماناً.
يتزامن هذا التصعيد مع دعوات أممية متكررة لوقف العنف وضمان حماية المدنيين، لكن الأوضاع على الأرض تشير إلى مزيد من التعقيد، حيث يُحاصر المدنيون بين قصف لا يهدأ وخدمات حيوية مشلولة، بينما يتواصل النزاع في استنزاف الأرواح والبنية التحتية.
وفي ظل هذه التطورات المقلقة، حسب الدفاع المدني السوري، يبدو أن الوضع في الشمال السوري يتجه نحو مزيد من التدهور، مع استمرار الهجمات وتزايد المخاوف من توسع نطاق العمليات العسكرية.