في تصعيد جديد من مطالب الحماية الدولية، دعت هيئة التفاوض السورية الأمم المتحدة إلى التدخل العاجل لتشكيل آلية مراقبة صارمة تضمن سلامة اللاجئين السوريين العائدين من لبنان.
وأكدت الهيئة ضرورة أن تكون شريكة في هذه الآلية لضمان الشفافية وعدم وقوع العائدين ضحية للاعتقالات التعسفية من قبل النظام السوري.
طلب عاجل إلى بيدرسن: حماية العائدين ومنع الاعتقالات
خلال لقاء رسمي عُقد في جنيف مع غير بيدرسن، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، شدد بدر جاموس، رئيس هيئة التفاوض، على أهمية وجود مراقبة دولية مستمرة لعمليات عودة اللاجئين، لافتاً إلى أن النظام السوري اعتقل عدداً من العائدين فور وصولهم إلى المعابر الحدودية.
وأوضح “جاموس” أن الظروف الأمنية والسياسية الراهنة تجعل من العودة مخاطرة كبيرة، ما يستدعي وجود آلية رقابية حقيقية لمنع الانتهاكات.
كما طالب جاموس بضرورة تقديم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين توضيحات حول مدى توفر ضمانات حقيقية لسلامة العائدين.
وأشار إلى أن على الأمم المتحدة تقديم الإغاثة الإنسانية الضرورية بشفافية، مع منع استغلال النظام السوري للمساعدات المقدّمة للعائدين، محذرًا من أن عدم الرقابة سيتيح للنظام السوري فرصة لنهب المساعدات كما حدث في السابق.
معاناة متصاعدة في لبنان إثر التصعيد الإقليمي
تأتي هذه الدعوات في وقت يشهد لبنان تصاعداً في التوترات بعد مقتل زعيم ميليشيا حزب الله، ما أدى إلى تضييق الخناق على اللاجئين السوريين وعرّضهم لمزيد من الانتهاكات.
وفي رسالة عاجلة وجهتها هيئة التفاوض إلى بيدرسن مطلع أكتوبر، عبّرت عن مخاوفها من “الاعتداءات الممنهجة” التي تستهدف اللاجئين السوريين وسبل عيشهم، داعية إلى ضرورة حماية هذه الفئة من الترحيل القسري أو الاستهداف السياسي.
وأوضحت الهيئة أن تصاعد القتال بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وميليشيا حزب الله ينعكس بشكل سلبي على أوضاع اللاجئين السوريين، معتبرة أن هذه الفئة الضعيفة تدفع ثمنًا باهظاً نتيجة التصعيد في لبنان.
وأشارت الهيئة إلى أن حياة اللاجئين هناك أصبحت أكثر صعوبة وسط أوضاع معيشية متدهورة، تزامناً مع تصاعد القصف الإسرائيلي على الحدود اللبنانية – السورية، والذي أسفر عن سقوط مئات القتلى والجرحى.
انتهاكات النظام السوري: اعتقالات وابتزاز مالي
تدفقات السوريين العائدين من لبنان تزامنت مع حملات اعتقال جماعية شنها النظام السوري، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير سابق لها اطلعت عليه SY24 توقيف العشرات عند المعابر الحدودية، بالإضافة إلى اعتقالات متفرقة في الداخل السوري بذريعة التهرب من الخدمة العسكرية.
وتبيّن أن هذه الاعتقالات غالباً ما تهدف إلى ابتزاز عائلات المعتقلين مالياً، ضمن سياسة قمعية مستمرة تُمارَس بحق كل من يعارض النظام أو يسعى للعودة دون إذن مسبق.
السلام المستدام رهين تنفيذ القرار 2254
إلى جانب المطالب الإنسانية، شددت هيئة التفاوض على ضرورة تحريك المسار السياسي المتعثر.
وأكدت أن النظام السوري وداعميه مستمرون في التهرب من تنفيذ القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 2254.
ودعت الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات صارمة لتنفيذ بنوده بشكل كامل، مشددة على أنه لا يمكن تحقيق سلام حقيقي ومستدام في سوريا والمنطقة دون تسوية سياسية شاملة.
نداء لإنقاذ اللاجئين قبل فوات الأوان
في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية على جانبي الحدود اللبنانية – السورية، تتزايد الضغوط على المجتمع الدولي لحماية اللاجئين السوريين الذين باتوا عالقين بين مطرقة التصعيد الإقليمي وسندان القمع الداخلي.
هيئة التفاوض السورية وجهت في ختام رسالتها نداءً واضحاً: “إنقاذ هؤلاء اللاجئين من الاعتقال أو الاستغلال أصبح ضرورة ملحّة، وإلا فإن حياتهم ستبقى رهينة للخطر المستمر”.
يأتي ذلك ليس فقط لإبراز معاناة اللاجئين السوريين، بل أيضاً للتأكيد على الحاجة الملحّة لجهد دولي متضافر يضع حداً لهذه المأساة المستمرة منذ أكثر من عقد.