من محنة إلى منحة.. النظام السوري يستغل أزمة النازحين من لبنان

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

في خطوة تعكس سياسة استغلال المآسي الإنسانية، يسعى النظام السوري لتحويل أزمة النازحين من لبنان إلى ورقة ضغط سياسية ومصدر تمويل جديد، مستثمرًا معاناة مئات الآلاف من النازحين الفارين للمطالبة برفع العقوبات الدولية وتأمين مزيد من التمويل الأممي.

وتكشف تحركات النظام الأخيرة عن استراتيجية منهجية لاستغلال الأزمة، حيث عقد وزير الإدارة المحلية والبيئة التابع للنظام اجتماعًا مع المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة الإنمائية والإنسانية، في محاولة لتسويق ما يسميه “جهود الاستجابة الإنسانية” للنازحين.

وخلال الاجتماع، ركز النظام على طلب زيادة التمويل الدولي بحجة تنفيذ مشاريع “التعافي المبكر”، متخذًا من تدفق النازحين ذريعة للحصول على دعم مالي إضافي.

وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى عبور نحو 425 ألف شخص من لبنان إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، منهم 28% من اللبنانيين و72% من اللاجئين السوريين العائدين.

هذا التدفق البشري الهائل يستغله النظام كورقة تفاوضية في محاولة لتحسين وضعه السياسي والاقتصادي دوليًا، حسب مراقبين.

تمييز واضح في معاملة النازحين اللبنانيين والسوريين العائدين:

ويكشف التعامل المزدوج للنظام مع النازحين عن الطبيعة الانتهازية لسياساته، حيث يظهر تمييزًا صارخًا في معاملة الوافدين.

فبينما يحظى النازحون اللبنانيون، وخاصة المرتبطون بحزب الله، برعاية خاصة تشمل النقل المجاني والإيواء الفوري والرعاية الطبية، يواجه السوريون العائدون معاملة مهينة وظروفًا قاسية.

وتوثق التقارير الميدانية حالات متعددة من الابتزاز والاستغلال للسوريين العائدين، حيث يُفرض عليهم دفع إتاوات تصل إلى 100 دولار للشخص الواحد، رغم إعلان النظام رسميًا إعفاءهم من هذه الرسوم.

كما يُمنعون من دخول مراكز الإيواء المخصصة “للبنانيين فقط”، ليجد الكثيرون منهم أنفسهم مضطرين لافتراش شوارع دمشق.

ويستغل النظام هذه الأزمة على مسارين متوازيين، الأول: المطالبة برفع العقوبات الدولية بحجة أنها تعيق الاستجابة الإنسانية، مستخدمًا معاناة النازحين كورقة ضغط سياسية.

أما المسار الثاني، فهو السعي للحصول على تمويل دولي إضافي تحت مظلة “التعافي المبكر”، وهو ما يتجلى في تصريحات المسؤولين وتركيزهم على “أهمية زيادة التمويل” في كل لقاء مع المنظمات الدولية.

استغلال النظام السوري لأزمة النازحين من لبنان لتحقيق مكاسب سياسية:

وتكشف خريطة توزيع النازحين عن أبعاد سياسية أخرى للأزمة، حيث تم توجيه نحو 140 ألف لبناني إلى مناطق محددة في دمشق وريفها، بينما تم إرسال 20 ألف آخرين إلى حلب وحماة، مع تركيز خاص على إيواء عائلات ميليشيا “حزب الله” في مناطق محددة، مما يشير إلى وجود تنسيق مسبق وأجندة سياسية واضحة، حسب تقرير صادر مؤخرًا عن مركز حرمون للدراسات المعاصرة.

وفي هذا الصدد، قال الناشط السياسي “مصطفى النعيمي” لمنصة SY24: “أنا أرى أن النظام السوري يريد استثمار الأزمة اللبنانية لتوجيه أنظار المجتمع الدولي إلى ضرورة أن يكون نظام الأسد أحد وسائل احتواء الأزمة اللبنانية من خلال تقديمه الدعم للنازحين اللبنانيين، وهذا يتطلب وفق الرؤية الأسدية تمرير الدعم عبر مؤسسات الأسد والتي ستستثمر حتمًا تجاه غايات وتوظيف ذي بعد عسكري، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه يتوجب على الأمم المتحدة ومنظمات الدعم المعنية بإدارة الأزمات والكوارث في العالم، أن تأخذ بعين الاعتبار عدم تقديم أي مساعدات تكون عبر البوابة الأسدية للنازحين اللبنانيين القادمين من داخل الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي السورية، وأن أي دعم سيقدم سيوظف أسدياً ضد الشعب السوري”.

وأضاف: “أمام هذا المناخ الدولي المتأزم، أرى أنه يجب على المنظمات أن يكون لها دور مباشر في عملية إيجاد المكان لإيواء النازحين اللبنانيين، وتقديم المساعدات بشكل مباشر وليس عبر الوسطاء السوريين، خشية توظيفها واستثمارها في الحرب على الشعب السوري”.

وفي الوقت الذي يسعى فيه النظام لتحويل الأزمة إلى “منحة” سياسية ومالية، تستمر معاناة آلاف السوريين العائدين الذين يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات البسيطة المقدمة من الجمعيات الخيرية والمتبرعين الأفراد، في ظل غياب شبه كامل للدعم الحكومي.

وتؤكد هذه الممارسات أن النظام السوري يواصل سياسته في استغلال المآسي الإنسانية لتحقيق مكاسب سياسية ومالية، محولًا “محنة” النازحين إلى فرصة للضغط على المجتمع الدولي وتحسين موقفه السياسي، متجاهلاً في الوقت نفسه المعاناة الحقيقية لمواطنيه العائدين من لبنان، بحسب محللين.

مقالات ذات صلة