تشهد محافظة إدلب في الآونة الأخيرة تغيرات مناخية حادة، حيث تعرضت المنطقة لموجة من البرودة الشديدة غير المألوفة في هذا الوقت من السنة، انخفضت درجات الحرارة بشكل مفاجئ، مما أدى إلى تفشي الأمراض الشتوية، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفًا مثل الأطفال والمسنين، كما تأثرت المحاصيل الزراعية بشكل كبير، مما يزيد من معاناة المزارعين الذين يكافحون لتوفير احتياجات أسرهم في ظل هذه الظروف الصعبة.
تفشي الأمراض:
تتزايد حالات الإصابة بالإنفلونزا والزكام بين الأطفال والمسنين في إدلب، ووفقًا لأطباء محليين، فإن عدم توفر وسائل التدفئة والرعاية الصحية الجيدة يساهمان بشكل كبير في تفشي هذه الأمراض.
يقول “أبو سامر”، والد لطفلين يعانيان من الزكام: “لقد أصيب أطفالي بالمرض منذ أن بدأت درجات الحرارة في الانخفاض، لا يوجد لدينا ما يكفي من وسائل التدفئة في المنزل”.
ويتحدث الدكتور “أيمن”، طبيب عام في إدلب، عن الوضع الصحي قائلًا: “نلاحظ زيادة في عدد الحالات المرضية، خصوصًا بين الأطفال والمسنين. من المهم أن نؤكد أن ضعف نظام الرعاية الصحية في المنطقة يزيد من حدة هذه المشكلة”.
نقص الاستعدادات:
يعاني السكان من نقص كبير في الاستعدادات لمواجهة هذا الطقس القاسي، وغالبًا ما تفتقر العائلات إلى الوقود اللازم للتدفئة.
يوضح “أبو أحمد”، رجل مسن يبلغ من العمر 70 عامًا: “لم أكن أستعد لمثل هذا البرد، العائلات هنا بحاجة إلى المساعدة، فنحن لا نملك ما يكفي من الحطب”.
كما تشير “أم حسين”، سيدة في الخمسين من عمرها، إلى التحديات اليومية قائلة: “أسعار الوقود مرتفعة جدًا، ولا قدرة لنا على تحمل تكاليفها”.
وتضيف: أن “الكثير من الأهالي يجلسون تحت أشعة الشمس في النهار ليتدفأوا، لأنهم لا يستطيعون دفع ثمن طن الحطب الذي يصل إلى مئات الدولارات”.
تضرر المحاصيل الزراعية:
تأثرت المحاصيل الزراعية بشكل ملحوظ نتيجة التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة، مما يؤثر على الإنتاج الغذائي بشكل عام.
يقول “أبو صالح”، مزارع للخضار في سهل الروج: “لقد فقدت جزءًا كبيرًا من محصولي بسبب الصقيع، الوضع سيء وأخشى أن تتفاقم الأوضاع إذا استمرت هذه التغيرات، نحن بحاجة إلى دعم حكومي أو مساعدات إنسانية”.
من جهة أخرى، يؤكد “أبو صالح” أن “تغير المناخ أثر على مواعيد الزراعة أيضًا، في السابق كنا نزرع في مواسم محددة، والآن أصبحت الأمور غير متوقعة”.
استجابة السكان للطقس القاسي:
يتعامل السكان مع هذه الظروف القاسية بطرق مختلفة، حيث يحاول البعض تدبير احتياجاتهم بأساليب تقليدية، تقول “أم خالد”، سيدة في الأربعينيات من عمرها، وهي من سكان مدينة إدلب: “نحاول استخدام الأغطية والملابس الثقيلة، لكنها لا تكفي. نحتاج إلى الحطب لتدفئة أجسادنا”.
ويشير “أبو عمار”، وهو من سكان ريف جسر الشغور، إلى أنه يسعى لتأمين ما يمكن من الوقود، قائلًا: “الأمر يتطلب الكثير من الجهد. أحيانًا أضطر للذهاب إلى المناطق البعيدة للبحث عن الحطب أو الوقود”.
تؤثر التغيرات المناخية المفاجئة التي تشهدها إدلب بشكل كبير على صحة السكان وإنتاجهم الزراعي، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة للدعم الإنساني، في ظل هذه الظروف القاسية، يتوجب على الجهات المعنية اتخاذ خطوات عاجلة لتقديم الدعم اللازم للأسر المتضررة والمزارعين، لضمان سلامتهم وسبل عيشهم.