تشهد محافظة إدلب دماراً واسعاً بفعل القصف المستمر من قبل النظام وروسيا، حيث باتت آلاف العائلات بلا مأوى في ظروف شتوية قاسية. لاسيما مع اقتراب فصل الشتاء، تكافح بعض الأسر لترميم المنازل في إدلب قبل الشتاء بطرق بسيطة.
لكن عمليات إعادة الإعمار تواجه تحديات حادة، من ارتفاع تكاليف مواد البناء إلى غياب الخدمات الأساسية.
حجم الدمار وتأثيره على السكان:
يعاني الشمال السوري من نسبة عالية من الدمار، حيث يُقدّر عدد المنازل المدمرة كلياً أو جزئياً بعشرات الآلاف، تاركةً آلاف العائلات في العراء أو في مساكن مؤقتة، يتفاقم الوضع مع حلول فصل الشتاء، حيث تنخفض درجات الحرارة، ويصبح الوضع أكثر خطورة على الأطفال وكبار السن.
يقول “أبو عمر”، أحد سكان جبل الزاوية جنوبي إدلب، الذي فقد منزله في قصف سابق: “كنا نعيش بأمان في بيتنا، لكن فجأة فقدناه. الآن، أسكن مع أسرتي في خيمة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، ومع اقتراب الشتاء نشعر بالخوف من البرد القارس ومن الأمراض التي تصيب الأطفال”.
جهود إعادة الإعمار:
غالبية الأسر في إدلب تسعى جاهدة لترميم منازلها بوسائل بسيطة، خاصة في ظل غياب الدعم الحكومي والإنساني الكافي، تستخدم بعض العائلات مواردها المحدودة لإصلاح أجزاء من المنازل، بينما يلجأ آخرون إلى البناء الذاتي بأقل الإمكانات المتاحة.
تقول “أم محمد”، أرملة وأم لخمسة أولاد، تعمل على ترميم منزلها بنفسها بمساعدة مالية من أقاربها المغتربين خارج سوريا: “أمضيت أربع سنوات أعيش في غرفة واحدة مع أولادي، حتى تمكنت هذا العام من الحصول على مساعدة من أقاربي”.
وتضيف: “تمكنت من ترميم غرفة ثانية حتى الآن، لكنني بحاجة ماسة للدعم كي نستطيع بناء باقي البيت والاحتماء من برد الشتاء”.
النزوح الداخلي:
دفع الدمار العديد من العائلات للنزوح داخل محافظة إدلب أو البحث عن مأوى خارجها، لتعيش هذه العائلات في ظروف صعبة، حيث يتعرضون لظروف مناخية قاسية ونقص في الخدمات الأساسية.
يقول “أبو علي”، نازح مع عائلته إلى مخيم قريب من مدينة سرمدا شمالي إدلب: “خرجنا من منزلنا بعدما تدمر بشكل كبير، وحياتنا في المخيم صعبة جداً. نريد العودة، لكن لا أملك المال لترميم منزلي”.
لفة البناء وغلاء الخدمات الأساسية:
أصبحت إعادة بناء المنازل في إدلب معضلة. وذلك بسبب ارتفاع تكاليف مواد البناء وتراجع الدخل. إضافة إلى نقص الخدمات الأساسية كالكهرباء والمياه، مما يجعل هذه الظروف إعادة الإعمار تحديًا إضافيًا للنازحين والمقيمين على حد سواء.
يقول “حسان”، وهو صاحب محل لبيع مواد البناء في إدلب: إن “أسعار مواد البناء ارتفعت بشكل كبير. ومعظم السكان غير قادرين على شراء الإسمنت أو الحديد. كما أن غلاء الكهرباء والماء يعقد الأمور أكثر. السكان في حاجة ماسة إلى دعم سريع يساعدهم على إعادة البناء قبل حلول الشتاء”.
ويضيف: أن “ارتفاع أجور العمال يشكل عائقاً إضافياً أمام عمليات البناء، حيث يعاني السكان من تدهور اقتصادي حاد لا يسمح لهم بتحمل تكاليف البناء وأجور العمال المرتفعة”.
حلول بديلة يلجأ إليها الأهالي:
في ظل ارتفاع تكاليف البناء وعجز العديد من الأسر عن ترميم المنازل في الشتاء. لجأ السكان إلى حلول بديلة لمواجهة الشتاء القاسي، من بين هذه الحلول.
يقوم البعض بتغطية النوافذ والأبواب المتضررة بقطع من البلاستيك والشوادر لتقليل تسرب الهواء البارد إلى الداخل.
يقول “أبو قاسم” أحد سكان مدينة أريحا. والذي فقد جزءاً من منزله في قصف سابق: “استخدمت قطع بلاستيك لتغطية النوافذ، فهي أفضل من لا شيء”.
ويضيف: أن “هذا الحل مؤقت. ولكن لا أستطيع تحمل تكاليف الإصلاحات الحقيقية. نحن نعيش في ظروف صعبة، وأريد حماية عائلتي من البرد”.
بينما يحاول آخرون استخدام ألواح معدنية أو خشبية لتقوية الجدران المنهارة جزئياً. ورغم التحديات، يأمل الأهالي في أن تؤمن لهم هذه الحلول البديلة نوعاً من الاستقرار. ريثما يتمكنون من جمع الدعم اللازم لإعادة بناء منازلهم بشكل دائم.
تواجه إدلب سباقاً مع الزمن لإعادة بناء المنازل المتضررة قبل أن يشتد برد فصل الشتاء. حيث تستمر معاناة العائلات في ظل هذه التحديات الكبيرة، وعلى الرغم من قلة الموارد، يُظهر السكان عزيمة قوية. ولكنهم يحتاجون لدعم إضافي كي يتمكنوا من العيش بكرامة وأمان.