تأمين حليب الأطفال.. أزمة يومية للأهالي شمال سوريا

Facebook
WhatsApp
Telegram

في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وانخفاض مستوى الدخل، أصبحت مسألة توفير حليب الأطفال للرضع في الشمال السوري تحديًا يوميًا للعائلات على الرغم من توفر العديد من أصناف الحليب في الصيدليات، فإن الأسعار المرتفعة مقارنة بمستوى الدخل أجبرت الكثير من الأهالي على البحث عن بدائل أقل تكلفة، رغم تأثيراتها السلبية على صحة الأطفال.

أسعار مرتفعة تثقل كاهل العائلات:

رصدت مراسلة SY24 أسعار عدة أنواع من حليب الأطفال المتوفر في إدلب، حيث تتفاوت الأسعار حسب نوع الحليب والفئة العمرية، إذ تبدأ من 3.25 دولار للعبوة بوزن 350 غرام وتصل إلى 9.50 دولار للعبوة بوزن 400 غرام وفقًا لأحدث نشرة أسعار الحليب الصادرة عن وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ، يتراوح متوسط سعر عبوة الحليب بين 5 و7 دولارات، مما يشكل عبئًا كبيرًا على العائلات، خاصةً في ظل تدني الأجور والدخل.

تكلفة شهرية مرهقة للأمهات:

“ولاء عباس” معلمة وأم لطفل رضيع، تحدثت لـ SY24 عن تجربتها، حيث أكدت أن حاجتها الشهرية من الحليب الصناعي لطفلها البالغ خمسة أشهر تصل إلى نحو 12 عبوة، بتكلفة تقارب 66 دولاراً، وهو ما يعادل ثلث راتبها الشهري، أشارت إلى أن تكاليف الحليب هي جزء من الأعباء اليومية، حيث تتطلب رعاية الطفل نفقات أخرى تشمل الأدوية والفوط والملابس، مما يزيد من معاناة العوائل في ظل هذه الظروف الصعبة.

وأضافت “عباس” أن عدداً كبيراً من الأمهات يلجأن لإدخال الأطعمة الصلبة لأطفالهن في وقت مبكر قبل أن يبلغوا الشهر السادس، وذلك لتقليل الاعتماد على الحليب الصناعي ذي التكلفة المرتفعة، مما يعرض صحة الأطفال لمخاطر عدة تتضمن مشاكل الهضم والأمراض المرتبطة بسوء التغذية.

تحذيرات من مخاطر البدائل غير المناسبة:

وفي حديث خاص مع الصيدلاني “عبدالله الطويل” حذر من خطورة تقديم أنواع غير مناسبة من الحليب الحيواني للأطفال قبل العمر الموصى به طبيًا، وأشار إلى أن بعض الأمهات يلجأن لحليب الأبقار أو الماعز، لكنه يتطلب احتياطات خاصة، مثل تخفيفه بالماء وغليه جيداً للحفاظ على سلامة الطفل، بالإضافة إلى ضرورة التخلص من الكميات المتبقية بعد كل رضعة، ونوّه الصيدلاني إلى أن هذه البدائل، إذا لم تُستخدم بطريقة صحيحة، قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة للأطفال الرضع.

وأوضح “الطويل” أن أسعار الحليب شهدت انخفاضاً طفيفًا مؤخراً، لكنها ما زالت مرتفعة بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود، حيث تُباع بالدولار الأمريكي، ما يترك الأهالي في حالة قلق مستمر خشية من تقلب الأسعار حسب تغير سعر صرف الليرة التركية.

أعراض سوء التغذية وانتشار الالتهابات المعوية:

أفاد صيدلاني آخر مقيم في منطقة التجمعات السكنية قرب الدانا شمال إدلب، بأن الحالات التي يستقبلها يومياً تشمل التهابات معوية للأطفال الرضع بسبب اللجوء إلى بدائل غذائية غير مناسبة، مثل النشاء أو الأرز المسلوق وقطع حلوى (الراحة)، وأوضح أن هذه المواد الغذائية مخصصة لأعمار أكبر من ثمانية أشهر، ويؤدي استخدامها المبكر إلى مشكلات في الهضم مثل الإسهال والتهاب الأمعاء، مما يعرض حياة الأطفال لمخاطر إضافية في بيئة تفتقر لمقومات الرعاية الصحية.

معاناة مستمرة وحاجة للدعم:

في ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة وانعدام البدائل الملائمة، تظل قضية تأمين حليب الأطفال تحديًا يوميًا للأسر السورية شمال البلاد ويبرز هنا دور المنظمات الإنسانية لدعم تلك العائلات التي تواجه عبئاً لا يُستهان به لتوفير الحاجات الأساسية لأطفالها، مع ضرورة إيجاد حلول مستدامة توفر للأمهات القدرة على تلبية احتياجات أطفالهن من دون المخاطرة بصحتهم.

مقالات ذات صلة