تفيد الأنباء الواردة من مدينة ديرالزور الخاضعة لسيطرة النظام السوري وميليشياته، بتحول الصراع على النفوذ إلى حرب تصفيات مفتوحة بين الميليشيات المتنافسة، في ظاهرة تعكس تفكك المنظومة الأمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
وفي واقعة تضاف إلى سلسلة الحوادث الأمنية المتصاعدة، هز انفجار عنيف وسط مدينة دير الزور قبل يومين، حيث استهدف سيارة من نوع “بيك أب” تابعة لميليشيات مدعومة من إيران يُطلق عليها الموالون للنظام “القوات الرديفة”.
وأكد مصدر في قيادة شرطة محافظة دير الزور أن الانفجار وقع نتيجة عبوة ناسفة زُرعت في السيارة التي كانت متوقفة قرب دوار الكرة الأرضية في المدينة.
وفي تحليل معمق للوضع، قال عمر خطاب ناشط من أبناء دير الزور لمنصة SY24: “ما نشهده اليوم من تفجيرات متتالية في دير الزور ليس عملاً عشوائياً، بل هو نتيجة حتمية لصراع معقد على النفوذ والموارد بين الأطراف المتصارعة في مناطق سيطرة النظام”.
وأضاف “يمكن تلخيص أسباب هذا الصراع في عدة محاور رئيسية: التنافس على السيطرة الاقتصادية وطرق التجارة، صراع النفوذ في تجارة المخدرات المتنامية، التحكم بالمعابر الاستراتيجية النهرية والبرية، السعي للهيمنة على مراكز القوة في المنطقة”.
ولفت إلى “حالة استنفار غير مسبوقة بين الميليشيات المختلفة، حيث تسعى كل مجموعة للقضاء على الرموز القيادية في المجموعات المنافسة، في محاولة لإحكام السيطرة على المنطقة”.
وفي السياق، عبّر العديد من أهالي دير الزور عن استيائهم العميق من الوضع المتردي، وقال أحد السكان: “لقد تحولت مدينتنا إلى ساحة لتصفية الحسابات، والضحية الوحيدة هي المواطن البسيط”.
وحذّر خطاب في سياق حديثه من أن استمرار هذا الصراع سيؤدي إلى: تدهور الوضع الأمني بشكل غير مسبوق، انهيار في البنية الاقتصادية المحلية، تزايد معدلات النزوح من المنطقة، وتفاقم معاناة السكان المحليين، حسب تعبيره.
وفي تقييم للمشهد المستقبلي، أكد حطاب على أن “الوضع في دير الزور يتجه نحو مزيد من التصعيد، ما لم تتم معالجة الأسباب الجذرية للصراع”.
وتابع: “نحن أمام منعطف خطير في تاريخ المدينة، حيث تتحول الصراعات من مجرد تنافس على النفوذ إلى حرب تصفيات قد تأتي على الأخضر واليابس”.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تعاني فيه المنطقة من أزمات اقتصادية وإنسانية متعددة، مما يزيد من تعقيد المشهد ويفاقم معاناة السكان المحليين الذين يجدون أنفسهم رهينة لصراعات القوى المتنافسة.
وشهدت مدينة ديرالزور خلال السنوات الماضية، مواجهات دامية بين مختلف الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المدينة، وذلك في محاولة من قادتها فرض سيطرتهم عليها بشكل كبير بهدف تحقيق مكاسب مادية كبيرة.
وتشهد محافظة دير الزور تقسيماً معقداً في خريطة السيطرة والنفوذ، حيث يتوزع النفوذ على عدة قوى رئيسية، وفي هذا السياق، يمكن تحديد مناطق النفوذ الإيراني في المنطقة المعروفة إعلامياً بـ”غرب الفرات”، والتي تمتد باتجاه البادية الشامية والحدود الأردنية.
وتتركز السيطرة العسكرية في ثلاث مدن استراتيجية: مدينة دير الزور، مدينة الميادين، ومدينة البوكمال، وتخضع هذه المدن لسيطرة مشتركة تتوزع بين القوات الروسية والميليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري.
وتواجه ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني تحديات تحد من قدرته على بسط نفوذه على كامل المحافظة، وتتمثل هذه التحديات في: وجود ميليشيات تابعة للنظام السوري والموالية لروسيا، سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من البادية السورية، ووجود قاعدة التنف العسكرية التي تديرها فصائل مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية.
ويرى محللون ومراقبون أن هذا التداخل المعقد في خريطة النفوذ يجعل من دير الزور ساحة لصراع متعدد الأطراف، مما يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الأمني والاقتصادي في المنطقة.