تعاني محافظة درعا جنوب سوريا من تدهور حاد في الخدمات الأساسية، وسط ما يصفه السكان بالتهميش المتعمد من قبل النظام السوري ومؤسساته.
وتتجلى هذه الأزمات في ثلاثة محاور رئيسية: أزمة النفايات المتراكمة، شح المياه، وأزمة المواصلات، وانتشار الكلاب الضالة.
أزمات المياه والنفايات تهدد الصحة العامة في درعا:
ويعاني سكان منطقة درعا البلد على سبيل المثال من تجمع أكوام القمامة على بعد أمتار قليلة من منازلهم، حيث تشير التقارير المحلية إلى أن بعض هذه التجمعات لم تُرحَّل منذ شهرين تقريباً.
ولا يقتصر الأمر على المنظر غير الحضاري فحسب، بل يمتد إلى مخاطر صحية وبيئية جدية، تتمثل في انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الحشرات السامة والكلاب الضالة التي باتت تشكل تهديداً حقيقياً لسلامة الأطفال، خاصة أثناء توجههم إلى مدارسهم في الصباح، حسب تأكيد الأهالي.
وفي حي طريق السد، تبدو أزمة المياه أكثر حدة من مشكلة النفايات، فمنذ أربعة أشهر يعاني السكان من انقطاع شبه كامل لمياه الشرب.
وبعد أن كانت المياه تصل مرة كل أسبوعين ولمدة ساعتين فقط، توقفت الإمدادات تماماً بحجة أعمال الصيانة للخزان الرئيسي في المنطقة.
ودفع هذا الوضع بالأهالي إلى شراء مياه الصهاريج غير الصالحة للشرب بتكلفة باهظة تصل إلى 40 ألف ليرة سورية للخزان سعة ألف لتر، وفق تقديرات سكان المنطقة.
نقص المواصلات يضاعف معاناة الأهالي في الوصول للخدمات:
وتبرز معاناة المواصلات بشكل خاص في بلدة كويا بمنطقة حوض اليرموك غربي درعا، حيث تخدم حافلة واحدة فقط البلدة بأكملها.
وتتجلى خطورة الوضع في حالة سيدة خمسينية مصابة بالفشل الكلوي، تضطر للسفر مرتين أسبوعياً لجلسات غسيل الكلى.
وأمام محدودية خيارات النقل، تجد نفسها مضطرة إما لركوب دراجة نارية لمسافة 8 كيلومترات للوصول إلى محطة الحافلة، أو دفع مبلغ يتجاوز المليون ليرة سورية لسيارة أجرة، وفق الأخبار الآتية من المنطقة.
تجاهل المسؤولين يفاقم التدهور الخدمي في المنطقة:
ورغم المحاولات المتكررة من قبل وجهاء المنطقة للقاء المسؤولين وإيجاد حلول، إلا أن النتيجة كانت دائماً التهرب والمماطلة.
فمدير المياه يتجنب لقاء لجنة الحي ولا يرد على اتصالاتهم، بينما يتذرع مدير المحروقات بأن الأمر خارج صلاحياته. كما أن طلب تخصيص حافلة من مرآب البلدية لنقل الركاب لم يلق استجابة منذ عام، وما زال “قيد الدراسة” بحسب رئيس البلدية.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب والمحلل السياسي، أحمد العربي لمنصة SY24: “المتتبع للوضع في سورية في مناطق سيطرة النظام المستبد السوري. يلاحظ أن جميع الخدمات التي من المفترض أن تقدمها أي دولة للشعب معدومة أو موجودة بنسبة ضئيلة، مثل الكهرباء والماء. إضافة إلى التقنين في الخبز المدعوم ورفع الدعم عن المحروقات. بحيث أصبح أكثر من تسعين بالمئة ممن تبقى من الشعب السوري في مناطق سيطرة النظام تحت خط الفقر. هذا غير ضعف العملة السورية بحيث أصبح المعاش المتوسط لا يلبي حاجة المواطن لأيام”.
وأضاف: “وكما هو حال الأنظمة الاستبدادية تكون الأهمية للعاصمة دمشق عند النظام، وهي تعاني أيضا من نقص الخدمات كلها. فما بالك في بقية المدن مثل الجنوب درعا والشمال والوسط السوري حمص وحماة. والأسوأ واقع الأرياف حيث تنعدم الخدمات”.
وتابع: “مما زاد الأمور سوءً هو تسلط الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة التي استحدثها النظام على المواطنين واستغلالهم والتشبيح عليهم. ووقوعهم بين نيران الصراع بين هذه الجماعات بحيث يكونون ضحايا في ظل غياب سلطة دولة أو قانون. فيما يضاف إليه عصابات المخدرات التي تعمل لصالح النظام وتضر بمصالح الناس. حيث تستخدم البعض وتورط البعض بالتعاطي والترويج، بمعنى أن سوريا باتت الآن قطعة من الجحيم”.
ووسط كل ذلك، يؤكد استمرار هذه الأزمات المتعددة يؤكد حالة التهميش التي يعيشها سكان درعا. في ظل غياب شبه تام للمؤسسات الحكومية عن القيام بمسؤولياتها في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.