الأجور الزهيدة تحاصر النساء العاملات في الشمال السوري

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

يشكل موسم قطاف الزيتون في ريفي إدلب وحلب شريان حياة لكثير من العائلات في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وانعدام فرص العمل، حيث يوفر مصدر دخل مؤقت يخفف من وطأة الأعباء المالية المتزايدة لدى العديد من العائلات مع اقتراب فصل الشتاء. تعد هذه الفترة فرصة للعمال والعاملات في هذه المناطق لتأمين ما يعينهم على مواجهة الغلاء وتغطية احتياجاتهم الأساسية.

تشارك نسبة كبيرة من النساء في هذا الموسم، وكثير منهن معيلات لأسرهن، يكافحن لتوفير لقمة العيش لأبنائهن في ظل شح الوظائف وانخفاض مستوى المعيشة. تعد ورش العمل الجماعية أحد الأساليب الشائعة لقطاف الزيتون، حيث يتوزع العمال والعاملات على الحقول منذ الساعات الأولى للفجر حتى غروب الشمس، مما يزيد من التحديات المرتبطة ببيئة العمل القاسية. تقول “أم ياسمين”، 35 عاماً، مهجرة من ريف حماه إلى ريف إدلب الشمالي، وهي إحدى العاملات في ورشة قطاف زيتون: “أعمل في الأراضي الزراعية سواء في القطاف أو الحصاد منذ سنوات. هذا العمل يساعدني على توفير احتياجات أطفالي، لكن الأجر قليل جداً مقارنة بتعبنا وعدد الساعات الطويلة التي نقضيها في الحقل، أنا وباقي العاملات معي.”

عمل مرهق ومسؤوليات مضاعفة بأجور زهيدة:

رغم أهمية هذا الموسم للكثيرين, تواجه العاملات، مثل “أم ياسمين”، تحديات كبيرة أبرزها تدني الأجور وطول ساعات العمل وسط ظروف مناخية قاسية. لا سيما للنساء اللواتي يصحبن أطفالهن معهن للعمل. إذ تتقاضى النساء أجوراً يومية زهيدة تتراوح بين 150 إلى 200 ليرة تركية, وهو مبلغ لا يكاد يكفي لتغطية احتياجاتهن اليومية. خصوصاً مع ساعات العمل الطويلة التي تبدأ مع شروق الشمس وتنتهي عند الغروب.

تصف السيدة الثلاثينية تفاصيل صباحها خلال موسم القطاف بنبرة تعب لا تخلو من الصبر. فتقول: “في الصباح الباكر نستعد أنا وباقي العاملات للصعود إلى سيارة كبيرة خصصها صاحب الورشة. يسمى (الشاويش) لنقلنا إلى الأراضي الزراعية. وفي نهاية اليوم، نعود إلى منازلنا قبل حلول الظلام، كونه المسؤول عن ورش القطاف. ويأخذ نسبة من أجرة العاملات والعمال مقابل تأمين السيارة لهم.”

تضطر السيدة لأخذ أطفالها معها إلى الحقل. فتقول بأسى: “أصحو وأصحب أطفالي الثلاثة معي. لا أملك خيارًا آخر، فتركهم وحدهم في المخيم أمر مرعب بالنسبة لي”. تُسند مسؤولية الاعتناء بالصغيرين إلى ابنتها الكبرى، ذات الأحد عشر عامًا. تواجه الكثير من النساء العاملات في موسم القطاف ظروفاً قاسية. حيث يحاولن الموازنة بين العمل والاعتناء بأطفالهن في الحقول. وسط قلة الخيارات المتاحة وتحديات الحياة اليومية.

استغلال متزايد وسط قلة الخيارات:

إلى جانب الأجور المنخفضة, تواجه النساء استغلالاً في ساعات العمل التي لا تخضع لأي تنظيم أو رقابة. مما يدفع البعض منهن للعمل في ظروف مرهقة دون استراحة كافية. وتؤكد “أم أحمد”, وهي عاملة أخرى من ريف حلب, أن الكثير من النساء مضطرات لقبول هذه الظروف بسبب الحاجة الملحة إلى المال.

تقول: “ليس لدينا خيارات كثيرة، قبولنا بهذه الأجور الزهيدة هو نتيجة الحاجة. وأحيانًا أضطر للعمل وأنا متعبة لأنني أعلم أن لا أحد سيساعدني في تأمين مستلزمات أطفالي”.

دور النساء في مواجهة الأزمات الاقتصادية:

يمثل هذا الموسم مثالاً على إسهام النساء في الاقتصاد المحلي. ويبذلن جهداً كبيراً لمواجهة الظروف المعيشية الصعبة في ظل قلة فرص العمل وارتفاع الأسعار. يجدن في قطاف الزيتون فرصة لا بديل عنها رغم المعاناة, مما يستدعي النظر في تحسين الأوضاع الاقتصادية. وتقديم الدعم للعاملات اللواتي يواجهن تحديات مزدوجة من أجل توفير حياة كريمة لأسرهن.

إقرأ المزيد: عمال الزيتون في إدلب وعفرين.. تفاوت الأجور والمخاطر

مقالات ذات صلة