يشهد قطاع التعليم في مدارس حلب التابعة للنظام السوري تدهور غير مسبوق، حيث تتفاقم أزمة التعليم في حلب بشكل ملحوظ رغم بدء العام الدراسي 2024-2025 قبل نحو 3 أشهر، حيث تتجلى مظاهر هذا التدهور في عدة جوانب أساسية تهدد مستقبل العملية التعليمية برمتها.
الكتب المستعملة وتحديات التحصيل الدراسي:
ويعد انتشار ظاهرة الكتب المدرسية المستعملة أحد أبرز المشكلات التي تواجه الطلاب، حيث يضطر معظمهم لاستخدام كتب تحتوي على حلول جاهزة، مما يؤثر سلباً على قدراتهم في التحصيل العلمي والتفكير الإبداعي.
وأثار هذا الواقع انتقادات واسعة، حيث يرى المراقبون أن اعتماد الطلاب على حلول مسبقة يحرمهم من فرص التفكير المستقل وتطوير مهاراتهم الذاتية.
المشكلات التعليمية المتفاقمة في مدارس حلب:
وتفاقمت المشكلة مع ما يوصف بـ “الدوام الوهمي” في مدارس النظام، حيث يعتمد النظام التعليمي بشكل متزايد على الدروس الخصوصية، مما يشكل عبئاً إضافياً على الأسر ويعمق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية.
ويُحمّل الأهالي النظام وحكومته مسؤولية تحول التعليم في المدارس الخاصة إلى خيار يصعب الوصول إليه بالنسبة لأبناء الأسر محدودة الدخل، حسب تعبيرهم.
ويضاف إلى هذه التحديات مشكلة نزيف الكوادر التعليمية، حيث يشهد القطاع انسحاباً متزايداً للمدرسين بسبب تدني الأجور وسوء الإدارة، حيث لجأ العديد من المعلمين الشباب إلى تقديم استقالات أو طلب إجازات دون راتب، رغم رفض الوزارة لمعظم هذه الطلبات.
كما يواجه المعلمون صعوبة في الجمع بين العمل في القطاعين العام والخاص بشكل علني، مما يدفعهم للبحث عن بدائل تتناسب مع متطلبات الحياة المعيشية المتزايدة.
أثر الأوضاع النفسية والاجتماعية على رغبة الطلاب في التعلم
وحول ذلك، قالت “أم عادل الحلبي”، معلمة سابقة في إحدى المدارس الابتدائية داخل مدينة حلب, لمنصة SY24 : “إن التعليم في مدارس مدينة حلب متدني جداً وسط المخاوف من جيل جاهل في المستقبل القريب”.
وأضافت: “هناك الكثير من العوامل التي تلعب دورا في تدهور العملية التعليمية داخل مدينة حلب، على رأسها الأوضاع المعيشية والاقتصادية. فالأهالي لا قدرة لهم على تأمين مستلزمات الدراسة لأطفالهم بسبب الغلاء. وبالتالي لم يعد يأبه كثير من الأهل بمستقبل أطفالهم فالأهم هو تأمين لقمة العيش”.
وذكرت أن الأطفال بدورهم لم يعد لديهم الشغف للتعليم. والسبب هو العامل النفسي، فبعض الأطفال فقد والده بسبب الحرب وبعضهم فقد أخوته أو والدته.. الخ، وبالتالي كلها عوامل تلعب دورا في عدم رغبة الأطفال بالشعور بحب التعلم أو الدوام المدرسي، وفق رأيها.
أزمة الأجور المتدنية ورغبة العمل:
ولفتت إلى أن الأمر نفسه ينطبق على المدرسين، أي من الناحية الاقتصادية. فالراتب الشهري لا يكفي المدرس اليوم أجور مواصلات وبعض الحاجيات الأخرى. ومن أجل ذلك نجد أن كثيرا منهم لا يبالي بالالتزام بالدوام المدرسي أو الاهتمام بتخريج جيل متعلم.
وأشارت إلى أن “الحال ينطبق على شقيقتها التي ما تزال تعمل حتى اليوم كمدرسة في مدارس النظام في حلب. لكنها تغيب بشكل متكرر عن المدرسة بسبب أو بلا سبب. ما يدل على الإهمال الواضح سواء من المُدرسين أو حتى الأهل إضافة إلى النظام وحكومته”, بحسب كلامها.
غياب حلول مستدامة ومستقبل التعليم في حلب:
وفي ظل غياب الحلول الفعّالة وعدم وجود خطط لتحسين أوضاع المعلمين ورفع رواتبهم. يبدو أن الأزمة التعليمية في حلب مرشحة للاستمرار. مما يهدد بضياع مستقبل جيل كامل من الطلاب في ظل هذه الظروف التعليمية المتردية. بحسب مراقبين.