في ظل النزاعات المستمرة والأوضاع الإنسانية القاسية في محافظة إدلب، تواجه النساء النازحات تحديات لا حصر لها، حيث وجدن أنفسهن مضطرات للعيش في ظروف قاسية داخل المخيمات التي تفتقر إلى أبسط مقومات الراحة والأمان.
ومع ذلك، لم تستسلم المرأة النازحة، بل استمرت في النضال من أجل بناء مستقبل أفضل لأطفالها ولنفسها.
الوضع المعيشي في المخيمات:
معظم النازحات في إدلب يعشن في مخيمات تفتقر إلى البنية التحتية المناسبة، حيث تفرض الحياة اليومية تحديات تتعلق بتأمين الماء والطعام والنظافة العامة وسط شح الموارد، تقول “سارة”، وهي إحدى النازحات التي تعيش في مخيم قرب مدينة الدانا شمالي إدلب: “نستيقظ كل يوم على هموم جديدة، وعلينا تأمين حاجيات الأسرة الأساسية بموارد محدودة، حتى أبسط الأشياء، مثل الحصول على ماء نظيف، أصبحت معركة يومية”.
الدور الاقتصادي والاجتماعي:
مع فقدان معظم الأسر لمصادر دخلها بسبب النزوح، تحاول النساء النازحات تأمين سبل العيش عبر أعمال يدوية بسيطة أو العمل في الحقول وغيرها من الأنشطة المحدودة.
ورغم قسوة الظروف، تسعى النساء النازحات لإثبات أنفسهن والمساهمة في إعالة أسرهن، تقول “سارة”، التي بدأت مشروعًا صغيرًا للحياكة داخل المخيم: “لم يكن أمامي خيار سوى البحث عن وسيلة لدعم أسرتي، فبدأت بصنع الأغطية وبيعها لجيراني في المخيم، هذا العمل البسيط يساعدني على توفير لقمة العيش لأطفالي”.
الصحة النفسية والعقلية:
يشكل الوضع النفسي للنساء النازحات تحديًا كبيرًا، حيث تعاني الكثيرات منهن من آثار الصدمات النفسية والخوف المستمر والقلق بسبب عدم الاستقرار.
ويؤدي الحرمان من الشعور بالأمان إلى تفاقم المشكلات النفسية، مما يجعل حياة المرأة النازحة أكثر تعقيدًا، تقول “هدى”، وهي ناشطة في دعم الصحة النفسية داخل المخيمات: “النساء في المخيمات يعانين من آثار نفسية شديدة نتيجة فقدان منازلهن وأسرهن”، وتضيف: “أحاول من خلال جلسات الدعم أن أوفر لهن متنفسًا لمواجهة هذه الصعوبات والتغلب على الآلام”.
التعليم والتطوير الشخصي:
تحاول المرأة النازحة تطوير نفسها وتوفير تعليم لأطفالها رغم ندرة الفرص التعليمية في المخيمات. كما تسعى النساء في المخيمات لاكتساب مهارات جديدة تساعدهن في تحسين وضعهن المعيشي. تقول “نورة”، وهي معلمة متطوعة في مخيم شمالي إدلب: “رغم قلة الإمكانيات. نحن نعمل جاهدين لتقديم تعليم بسيط للأطفال هنا”. وتضيف: “النساء أيضًا مهتمات بتعلم مهارات تساعدهن في إعالة أسرهن، كالحياكة والطبخ والتمريض”.
شاهد المزيد: سوسن معلمة مهجرة تعلم الأطفال باستخدام المنهج المنتسوري .. تعرفوا إليه
الطموحات المستقبلية والأمل في تغيير الواقع:
رغم كل الصعوبات، لا تزال لدى النساء النازحات آمال كبيرة بمستقبل أفضل. فيما تحلم الكثيرات منهن بعودة الأمن والاستقرار واستعادة منازلهن وبناء حياة كريمة تعيد لأسرهن شعور الأمان والاطمئنان. تقول “ريما”، 32 عامًا، وهي أم لأربعة أطفال: “أحلم باليوم الذي نعود فيه إلى منازلنا. حيث يمكنني أن أرى أطفالي يكبرون في بيئة طبيعية وآمنة. وأتمنى أن يأتي يوم تنتهي فيه معاناتنا وتعود لنا حياتنا كما كانت”.
على الرغم من قسوة الواقع، تقدم النساء النازحات في إدلب نموذجًا ملهماً للصمود والإرادة بجهودهن اليومية. حيث يسعين لبناء حياة مستقرة لأنفسهن ولأطفالهن، ليكنّ بذلك رموزًا للأمل والإصرار على التغيير حتى في أحلك الظروف.
ويبقى دعم المجتمع الدولي والمحلي لهؤلاء النساء ضروري لإعطائهن فرصة حقيقية لاستعادة كرامتهن والعيش بسلام في وطن آمن ومستقر.