تشهد البادية السورية تصاعداً ملحوظاً في العمليات العسكرية منذ ثلاثة أشهر، حيث تتواصل المواجهات بين قوات النظام السوري وتنظيم داعش في مشهد يعكس فشلاً ذريعاً للحملة العسكرية التي يقودها النظام رغم حجم القوات المشاركة والدعم الروسي غير المحدود.
وتكشف التطورات الميدانية عن حملة عسكرية واسعة النطاق يقودها المدعو “سهيل الحسن” قائد ميليشيا “القوات الخاصة” التابعة للنظام السوري، في محاولة للسيطرة على المنطقة وتطهيرها من عناصر التنظيم.
إلا أن النتائج على الأرض تشير إلى واقع مغاير تماماً، حيث تكبدت قوات النظام خسائر فادحة بلغت 217 قتيلاً من الضباط والعناصر العسكرية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، في حين لم يسجل سقوط خسائر تذكر في صفوف تنظيم داعش، وفق تقديرات مراقبين مهتمين بملف البادية.
وفي محاولة لتعزيز قدراتها العسكرية، دفعت قوات النظام بتعزيزات جديدة إلى المنطقة، من بينها عناصر من ميليشيا “لواء القدس”، في خطوة تعكس حجم التحديات التي تواجهها في البادية.
ويحظى هذا الحشد العسكري بغطاء جوي روسي مكثف، لكن دون أن يترجم ذلك إلى نجاحات ملموسة على الأرض، بحسب المراقبين.
وتتركز المواجهات بشكل خاص في منطقة بادية السخنة بريف حمص الشرقي، حيث تشن خلايا تنظيم داعش هجمات متكررة على نقاط تمركز قوات النظام والتشكيلات المساندة التابعة له.
وتتميز هذه الهجمات بدقة التنفيذ وقدرة عناصر التنظيم على الانسحاب بعد إيقاع خسائر في صفوف قوات النظام، مما يشير إلى معرفة عميقة بطبيعة المنطقة وتضاريسها.
ويعزو المراقبون فشل الحملة العسكرية إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها طبيعة البادية الجغرافية المعقدة التي تمنح عناصر داعش ميزة تكتيكية في تنفيذ عمليات الكر والفر، كما يلعب ضعف المنظومة الأمنية والعسكرية لقوات النظام دوراً محورياً في عدم القدرة على رصد تحركات التنظيم وتوقع هجماته.
وتشير التقديرات الميدانية إلى أن تنظيم داعش يتبع استراتيجية حرب العصابات في البادية، مستفيداً من معرفته العميقة بالمنطقة وقدرته على التخفي والمناورة.
وفي المقابل، تبدو قوات النظام عاجزة عن التكيف مع هذا النمط من المواجهات، رغم التدريبات المكثفة التي يشرف عليها المدعو “سهيل الحسن”.
من جهته، قال الناشط الميداني محمود أبو يوسف لمنصة SY24: “إنه في ظل هذه التطورات يبدو أن البادية السورية تتحول تدريجياً إلى منطقة نفوذ يصعب السيطرة عليها، رغم الحملات العسكرية المتواصلة والدعم الروسي غير المحدود، وفي ظل غياب استراتيجية عسكرية فعّالة وضعف القدرات العسكرية والأمنية، يبدو أن معركة البادية ستظل تستنزف قوات النظام دون تحقيق نتائج ملموسة على الأرض”.
وأضاف: “أن المستغرب هو استمرار وإصرار النظام وميليشياته على الأخص بالترويج لحملات التمشيط، ما يؤكد أن الهدف هو إيجاد موطئ قدم لهم دائم في البادية بحجة محاربة داعش”.
ولفت إلى أن داعش يوسع من جغرافية ونطاق عملياته العسكرية وهجمات برغم الحملات التي يدّعي النظام إطلاقها بين فترة وأخرى، ما يؤكد أيضاً أنها حملات إعلامية وهمية فقط للدعاية لها أمام حاضنته ومؤيديه، حسب رأيه.
ويرى محللون عسكريون أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، ليس فقط على مستوى البادية السورية، بل على المشهد الأمني في المنطقة بأكملها.
ولفتوا إلى أن تزايد نفوذ داعش في البادية يمنح التنظيم قاعدة آمنة يمكن أن يستخدمها لتوسيع نطاق عملياته في المستقبل، كما أن الخسائر المتزايدة في صفوف قوات النظام تؤثر سلباً على معنويات عناصره وقدرته على مواصلة المعركة، حسب وجهة نظرهم.
وفي ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها النظام السوري، حسب المصادر ذاتها، يبدو أن السيطرة على البادية تتحول إلى استنزاف مستمر لموارده العسكرية والبشرية إلى ما لا نهاية.