مع اقتراب الشتاء، تنشط في الشمال السوري حملات تطوعية تقودها فرق وجمعيات خيرية تهدف إلى تأمين كسوة الشتاء ومواد التدفئة للأطفال الأيتام والعوائل الفقيرة، في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، إذ باتت الكثير من العوائل عاجزة عن تأمين حاجات أبنائها من الملابس الشتوية التي تشكل عبئاً مالياً كبيراً عليهم بسبب الارتفاع المستمر في الأسعار.
دور المبادرات الإنسانية في دعم الأطفال في الشمال السوري:
تشهد مناطق الشمال السوري مبادرات تطوعية تتنوع بين تأمين الملابس الشتوية ومواد التدفئة، وذلك بفضل جهود فردية وتبرعات من أهل الخير، وتشمل المساعدات الضرورية مثل المعاطف والأحذية والكنزات الصوفية والقفازات، مما يوفر للأطفال الأيتام والفقراء حاجاتهم الأساسية لمواجهة فصل الشتاء.
ويأتي هذا الدعم في ظل ارتفاع أسعار الملابس التي تجاوزت قدرة معظم العوائل على توفيرها، ما جعل هذه الحملات أملًا لهم في تجاوز برد الشتاء بأقل الخسائر.
مبادرة “صناع الأمل” وتوزيع كسوة الشتاء في ريف إدلب:
ينشط فريق “صناع الأمل” في ريف إدلب، حيث قام مؤخراً بتوزيع معاطف وقفازات وقبعات صوفية على نحو 300 طفل، منهم 200 طفل يتيم و100 طالب في معهد لتحفيظ القرآن.
وأوضح “محمد الشامي”، عضو في الفريق، أن هدف هذه الحملة هو مساندة العوائل الفقيرة ومساعدتهم في تأمين كسوة الشتاء لأطفالهم، مضيفاً أن هذه المساعدات، وإن كانت بسيطة، تسهم في تخفيف بعض المعاناة عن الأهالي وتمنح الأطفال شعوراً بالدفء والأمان.
الطفل “فادي”، البالغ من العمر 12 عاماً، كان من بين الأطفال المستفيدين من هذه الحملات الخيرية، حيث حصل على كسوة شتاء كاملة من خلال إحدى المبادرات التي استهدفت مخيماً سكنياً في بلدة كفر لوسين شمالي إدلب، تقول والدته، وهي أرملة تعيل أبناءها الأيتام، إنها “كانت عاجزة عن تأمين ملابس الشتاء لأطفالها هذا العام، لكن بفضل هذه المساعدات الإنسانية تمكنت من تأمين ما يحتاجونه، مما خفف عنها حملاً كبيراً في ظل الصعوبات المعيشية التي يمرون بها”.
حملة شتاء دافئ لدعم العوائل الفقيرة:
وفي إطار حملات مماثلة، تحمل أسماء “شتاء دافئ” و”جود بالموجود”، أطلق فريق “مبادرة أثر” حملاته لدعم العوائل الفقيرة وذوي الدخل المحدود والأطفال الأيتام في شمال غربي سوريا، بهدف تخفيف الأعباء المالية عليهم.
ويقول عضو الفريق “نور الدين” إن “المبادرة ركزت هذا العام على طلاب المدارس من خلال توزيع الملابس الشتوية عليهم لضمان تدفئتهم في ظل البرد القارس”.
صعوبة تأمين الملابس الشتوية وارتفاع أسعارها في الشمال السوري:
وتشهد أسعار الملابس الشتوية هذا العام ارتفاعاً كبيراً يفوق قدرة معظم العوائل في الشمال السوري على تحملها، حيث تضاعفت أسعار المعاطف والأحذية والكنزات الصوفية مقارنةً بالعام الماضي، مما جعل تأمين كسوة الشتاء للأطفال تحدياً حقيقياً للأهالي.
ويعزو التجار هذا الغلاء إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد والنقل وتدهور قيمة العملة المحلية، فيما يضطر الأهالي إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية أو المبادرات الخيرية لتلبية احتياجات أبنائهم في مواجهة برد الشتاء القاسي.
وبحسب مراسلنا، فإن متوسط أسعار الملابس الشتوية للأطفال يشهد ارتفاعاً ملحوظاً هذا العام، حيث يصل سعر الجاكيت الولادي إلى 10 دولارات، والحذاء إلى 8 دولارات، بينما تبلغ تكلفة القبعة 3 دولارات، والكنزة الصوفية 7 دولارات، والبنطال الجينز 5 دولارات، مع اختلاف الأسعار حسب الجودة أيضاً، وبذلك تصل كلفة كسوة طفل واحد في حدودها الوسطى إلى نحو 35 دولاراً، وهو مبلغ يفوق إمكانيات الكثير من العائلات الفقيرة، وتحتاج العائلة إلى مضاعفة هذا المبلغ حسب عدد الأطفال، مما يشكل عبئاً مالياً ثقيلاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
أثر المبادرات الخيرية على حياة الأطفال والعائلات الفقيرة:
تبقى الحملات التطوعية لتأمين كسوة الشتاء ومواد التدفئة في الشمال السوري بارقة أمل للأطفال الأيتام والعوائل الفقيرة الذين يكافحون في ظروف صعبة.
وتؤدي هذه المبادرات الخيرية دوراً حيوياً في تخفيف العبء عن كاهل الأهالي. إذ تعزز الروح الإنسانية والتضامن الاجتماعي، وتمنح الأطفال دفئاً وحماية من برد الشتاء.