في أحد منازل إدلب المليئة بالتحديات، برزت “سلمى” كواحدة من النساء السوريات اللواتي لم يستسلمن لواقع الحياة الصعب، بل حولن منازلهن إلى أماكن للإبداع والنجاح. “سلمى” الأم لثلاثة أطفال والتي لم تستطع إكمال تعليمها بسبب ظروف قاسية، قررت كسر القيود التي فرضتها الحياة عليها لتشق طريقها في عالم الأعمال من خلال مشروعها في صناعة الحلويات الشرقية والغربية، وتمكنت من مطبخها الصغير أن تترك توصل رسالة للمجتمع أن النساء قادرات على صناعة النجاح والإنجاز حتى من مطابخهن.
مزجت السيدة البالغة من العمر 39 عاماً، بين الجودة والإتقان لتكسب ثقة الزبائن وتصبح ملهمة لكل امرأة تسعى لتحقيق ذاتها وتغيير واقعها بلمساتها المميزة، تتحدث “سلمى” عن إيمانها بأن المرأة القوية هي السند الحقيقي لعائلتها، تقول: “أحب أن أكون المرأة التي تعتمد على نفسها، تلك التي تساهم في توفير حياة كريمة لأسرتها، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها” ومن هذا الدافع قررت استثمار موهبتها في فن صناعة الحلويات وتزيينها بشكل مختلف عما هو مألوف في السوق.
شغف التعلم والسعي للتميز:
لم تكن تجربة “سلمى” في الحلويات مجرد رغبة عابرة، بل كانت جزءاً من شغفها بالإبداع والإنتاج، فهي لم تكتف بما تعرفه بل علمت نفسها بنفسها عبر متابعة دورات تدريبية على الإنترنت، طورت من خلالها أساليبها ومهاراتها في صناعة الحلويات وإضافة لمسات مميزة خاصة بها، استخدمت فيها أجود المواد مثل السمنة العربية، الشوكولاتة الفاخرة، والفستق الحلبي، ما أكسب منتجاتها ثقة وإعجاب الزبائن الذين أصبحوا يفضلونها عن غيرها.
وبدعم من زوجها وعائلتها، تمكنت “سلمى” من التوفيق بين مسؤولياتها المنزلية وواجباتها تجاه أطفالها وبين شغفها بالعمل، ليصبح مشروعها الذي أطلقت عليه اسم “همسة أمل” قصة نجاح في مدينة إدلب، وخلال السنوات الأربع الماضية، حققت سلمى تطوراً لافتاً، إذ تحولت من مجرد صانعة للحلويات إلى مدربة، حيث قامت بتدريب سيدات أخريات بدعم من إحدى الجمعيات الخيرية، لتساعدهن على بدء مشاريعهن الخاصة.
تحديات ومعوقات.. لكن الطموح مستمر:
رغم النجاحات، لم يكن طريق “سلمى” خالياً من الصعوبات، حيث تواجهها مشكلة ارتفاع أسعار المواد الأولية بسبب إصرارها على الجودة. تقول : إنَّ “اختيارها لجودة المواد على حساب الكميات الكبيرة كان جزءاً من تميز مشروعها. مؤكدة أن التزامها بالنوعية العالية ساعد في بناء سمعة طيبة لمنتجاتها. كما تواجه سلمى تحديات في توصيل طلباتها إلى خارج مدينة إدلب، رغم الطلب المتزايد على منتجاتها”.
نحو مستقبل أفضل:
لا تتوقف طموحات” سلمى” عند مشروعها الحالي، بل تأمل في المستقبل أن تطور علامتها التجارية الخاصة. وأن تتمكن من توسيع عملها إذ تسعى لأن تصبح شخصاً مؤثراً في مجالها. متطلعةً إلى تحقيق إنجازات أكبر رغم الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.
المشاريع الصغيرة وتمكين المرأة:
قصة “سلمى” ليست حالة فردية، بل تمثل توجهاً واسعاً يعكس أهمية المشاريع الصغيرة في تمكين النساء وتعزيز استقلاليتهن المادية. خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها المناطق السورية. وتعد المشاريع المنزلية الخاصة وسيلة فعالة للنساء لكسب العيش وتحقيق الذات. ما ينعكس إيجاباً على أسرهن وعلى المجتمع بشكل عام. حيث تساهم هذه المشاريع في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الإنتاجية.