شهدت البادية السورية قبل أيام قليل حادثة لافتة للانتباه تجلت في استهداف خاطئ نفذته الطائرات الحربية الروسية، لتصيب هذه المرة قوات تابعة للنظام السوري نفسه بدلاً من عناصر تنظيم داعش وخلاياه في المنطقة.
تصاعد هجمات تنظيم داعش قرب مطار التيفور العسكري:
وحسب الأنباء الواردة، بدأت الأحداث بهجوم مباغت شنته عناصر من تنظيم داعش على مواقع عسكرية استراتيجية قرب مطار التيفور العسكري في ريف حمص الشرقي، حيث استهدف الهجوم تحديداً مواقع تابعة للفرقة 25 المدعومة من روسيا والفرقة 11.
وتزامنت المواجهات مع تحليق للطائرات الروسية في سماء المنطقة لتنفذ غارات جوية هدفها دعم القوات البرية، لكن إحدى هذه الغارات أصابت سيارة تابعة للفرقة 11، مما أسفر عن مقتل ثلاثة من عناصرها، ما يعكس حجم التعقيد والفوضى التي تشهدها المنطقة، بحسب مراقبين.
وسبق تلك الأحداث، هجوم نفذه تنظيم داعش على نقطة تفتيش تابعة لميليشيا “لواء القدس” على أطراف بادية السخنة شرقي حمص، ما أسفر عن سقوط قتيلين من عناصر الميليشيا، أحدهما من الجنسية العراقية.
وقال الناشط السياسي عبد الكريم العمر لمنصة SY24: “التنظيم يتواجد اليوم في البادية السورية وخاصة على الطرق الرئيسية وتارة ما ينفذ عمليات ضد النظام السوري وضد الميليشيات الإيرانية هناك، بالمقابل ينفذ الطيران الروسي الغارات ويدعم النظام لمحاربة النظام في تلك المنطقة، لكن وسط كل ذلك فإن التساؤل الأبرز عن هذه القوة التي يتمتع بها التنظيم أمام شدة الغارات الروسية؟ ما يعني أنه هناك أطراف أخرى وربما تكون إيرانية هي من تدعم بعض خلاياه لزعزعة المنطقة في البادية”.
دور الطيران الروسي والنظام السوري في مواجهة التنظيم:
وفي محاولة لاستعادة زمام المبادرة، شن طيران النظام الحربي والطيران الروسي حملة عسكرية مكثفة في المنطقة تضمنت ضربات صاروخية وهجمات بالرشاشات الثقيلة، مستهدفة مواقع وقواعد محصنة للتنظيم في جبال بادية تدمر والسخنة وكهوفها.
وأسفرت هذه العمليات عن تدمير عدة مواقع وإيقاع خسائر في صفوف التنظيم، وفقاً لادعاءات ماكينات النظام العسكرية والإعلامية التابعة له.
وتكشف هذه الأحداث المتسارعة عن حالة من التخبط والفوضى تعيشها البادية السورية، حيث تتداخل خطوط المواجهة وتتشابك المصالح وتختلط الأهداف، فمن جهة، يستمر تنظيم “داعش” في إظهار قدرته على شن هجمات مباغتة رغم الضربات المتتالية التي يتعرض لها، مستفيداً من التضاريس الوعرة للبادية ومن مساحتها الشاسعة.
ومن جهة أخرى، تكشف هذه الأحداث حادثة الاستهداف الخاطئ عن ثغرات في التنسيق بين القوات المتحالفة، وهو ما قد يكون له تداعيات خطيرة على سير العمليات العسكرية في المنطقة.
تعقيدات التنسيق في العمليات العسكرية المشتركة:
وحول ذلك قال الباحث في مركز حرمون للدراسات، محمد السكري لمنصة SY24: “لا أراها هي حالة من التخبط بقدر ما هي سوء تنسيق على وقع ارتفاع مستوى العمليات في البادية، خاصةً أن المنطقة ما زالت تعتبر ذات نشاط جيد لتنظيم داعش، وتشهد بين الفينة والأخرى حملات عسكرية مختلفة، بالتعاون بين قوات النظام وروسيا عبر الإسناد الجوي، وربما هذه ليست المرة الأولى التي تخطأ بها الغارات الروسية التنظيم، ويعود ذلك لطبيعة الانتشار لعناصر التنظيم في البادية وعوامل مرتبطة بالمنطقة وطبيعتها الجغرافية التي لا تساعد على ضبط المنطقة عسكرياً، بجانب ضعف قوات النظام مقارنة بداعش وقواتها التي تعتبر المنطقة مساحة تدريبات وإسناد لها”.
وفي ظل هذه التطورات المتلاحقة، يبدو أن البادية السورية ستظل مسرحاً لصراعات معقدة ومواجهات متعددة الأطراف، في ظل استمرار محاولات القضاء على الجيوب المتبقية لتنظيم داعش، حسب مراقبين.